كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

قتادة: هو أن يصلح معايشهم في الدنيا ولا يعجل لهم العقوبة فيها.
وقيل: ابتغاء الفضل للمؤمنين والمشركين عامّة، وابتغاء الرضوان للمؤمنين خاصة لأن الناس كانوا يحجون من بين مسلم وكافر، يدل عليه قراءة حميد بن قيس تبتغون فضلا من ربّكم على الخطاب للمؤمنين، وهذه الآية منسوخة بقوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «1» وقوله فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا.
فلا يجوز أن يحجّ مشرك، ولا يأمن الكافر بالهدي والقلائد والحج.
وَإِذا حَلَلْتُمْ من إحرامكم فَاصْطادُوا أمر إباحة وتخيير كقوله فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ «2» وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ.
روح ابن عبادة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: أقبل رجل مؤمن كان حليفا لأبي سفيان بن الهذيل يوم الفتح بعرفة لأنه كان يقتل حلفاء محمد صلى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:
«لعن الله من قبل دخل الجاهلية [ما شيء كان في الجاهلية إلّا وهو] » تحت قدميّ هاتين إلّا سدانة الكعبة وسقاية الحج فإنّهما مردودتان إلى أهليهما» «4» [6] .
وقال الآخرون: نزلت في حجاج كفار العرب، وقوله لا يَجْرِمَنَّكُمْ، قرأ الأعمش وعيسى ويحيى بن أبي كثير: يُجْرِمَنَّكُمْ بضم الياء وقرأ الباقون بالفتح، وهما لغتان ولو أن الفتح أجود وأشهر وهو اختيار أبي محمد وأبي حاتم، قال أبو عبيد: لأنها اللغة الفاشية وإن كانت الأخرى مقبولة.
واختلفوا في معناه، فقال ابن عباس وقتادة: لا يحملنكم. قال أبو عبيد: يقال جرمني فلان على أن صنعت كذا أي حملني.
قال الشاعر، وهو أبو أسماء بن الضرية:
يا كرز إنك قد فتكت بفارس ... بطل إذا هاب الكماة مجرّب
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا «5» .
والمؤرج: لا يدعونكم. الفرّاء: لأكسبنكم، يقال فلان جرمه أهله أي كافيهم.
وقال الهذلي يصف عقابا:
__________
(1) سورة التوبة: 5
. (2) سورة الجمعة: 10
. (3) زيادة عن تفسير القرطبي: 4/ 119
. (4) تاريخ اليعقوبي: 2/ 60
. (5) لسان العرب: 12/ 93. 94
.

الصفحة 10