كتاب تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن (اسم الجزء: 4)

وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ الآية نزلت أيضا في النضر بن الحرث بن علقمة بن كندة من بني عبد الدار.
قال ابن عباس: لمّا قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأن القرون الماضية، قال النضر: لو شئت لقلت مثل هذا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ في كتبهم.
فقال عثمان بن مظعون: اتق الله فإن محمدا يقول الحق. قال: فأنا أقول الحق. قال: فإن محمدا يقول: لا إله إلّا الله. قال: فأنا أقول لا إله إلّا الله. ولكن هذه شأن الله يعني الأصنام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ «1» قال النضر: ألا ترون أن محمدا قد صدقني فيما أقول يعني قوله إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ.
قال له المغيرة بن الوليد: والله ما صدّقك ولكنه يقول ما كان للرحمن ولد.
ففطن لذلك النضر فقال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ.
إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ ... (هُوَ) عمادا «2» وتوكيد وصلة في الكلام، و (الْحَقَّ) نصب بخبر كان فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ كما أمطرتها على قوم لوط.
قال أبو عبيدة: ما كان من العذاب. يقال: فينا مطر ومن الرحمة مطر أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ أي بنفس ما عذبت به الأمم وفيه نزل: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ «3» .
قال عطاء: لقد نزل في النضر بضعة عشرة آية من كتاب الله فحاق به ما سأل من العذاب يوم بدر.
قال سعيد بن جبير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: «ثلاثة صبروا منكم من قريش المطعم بن عدي. وعقبة بن أبي معيط. والنضر بن الحرث» .
وكان النضر أسير المقداد فلمّا أمر بقتله قال المقداد: أسيري يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّه كان يقول في كتاب الله ما يقول» قال المقداد: أسيري يا رسول الله، قالها ثلاث مرّات. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة: «اللهمّ اغن المقداد من فضلك» [232] .
فقال المقداد: هذا الذي أردت «4» .
__________
(1) سورة الزخرف: 81
. (2) العماد: الذي يكون بين كلامين لا يتم المعنى إلّا به، ويسمى عند البصريين ضمير الفصل
. (3) سورة المعارج: 1
. (4) تاريخ دمشق: 60/ 167
.

الصفحة 351