كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 4)

(ما كانت الحياة) ظرفية مصدرية أي مدة كون الحياة خيرا لي
(إذا كانت الوفاة) عبر في جانب الحياة بقوله "ما كانت" لأنها حاصلة فحسن أن يأتي بالصيغة المقتضية للاتصاف بالحياة ولما كانت الوفاة لم تقع بعد حسن أن يأتي بصيغة الشرط "إذا كانت"

-[فقه الحديث]-
ظاهر الحديث يتعارض مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم "اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق الأعلى" ومع تمني عمر بن الخطاب الموت إذ قال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط وأجيب بأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما سأل ما قارن الموت وبأنه إنما دعا بذلك بعد أن علم أنه ميت في يومه ذلك ورأى الملائكة المبشرين له عن ربه بالسرور الكامل ولهذا قال لفاطمة رضي الله عنها لا كرب على أبيك بعد اليوم فكان ذلك خيرا له من كونه في الدنيا وبأن عمر خشي فتنة في دينه والنهي في الحديث عن التمني خاص بخوف ضرر دنيوي فلا يتوجه إلى من خاف ضررا أخرويا بقي أنه نهى عن تمني الموت في أول الحديث وأمر به في آخره بقوله "فليقل وتوفني" وأجيب بأن النهي وارد على التمني المطلق والإجابة واردة على التمني المقيد بما إذا كان الموت خيرا ففي الأول نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم وفي الثاني نوع تفويض وتسليم للقضاء والأمر في قوله "فليل" أمر بعد حظر فلا يبقى على حقيقته من الوجوب أو الاستحباب وإنما هو للإذن والإباحة

-[ويؤخذ من الحديث: ]-
1 - محافظة الإسلام على الأرواح
2 - وحرصه على حياة الإنسان
3 - ونهيه عن تمني الموت فضلا عن الإقدام عليه بالانتحار
4 - ودعوته إلى التسليم والرضا بالقضاء

الصفحة 138