كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 4)

50 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقيل له فقال هذا حمد الله وهذا لم يحمد الله

-[المعنى العام]-
قدم عامر بن الطفيل بن مالك الفارس المشهور على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرى بينه وبين ثابت بن قيس بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم كلام ثم عطس ابن أخيه فحمد الله فقال له صلى الله عليه وسلم يرحمك الله ثم عطس عامر -وكان كافرا- فلم يحمد فلم يشمته فقال يا رسول الله شمت هذا ولم تشمتني وأنا أكبر منه سنا ومقاما فقال صلى الله عليه وسلم هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت الله فتناسيتك

-[المباحث العربية]-
(عطش رجلان) بفتح الطاء من باب ضرب وقتل والاسم العطاس وهو انحدار الرطوبة من تجويف في الجبهة إلى الأنف من قناة وأصله بينهما وبقاء هذه الرطوبة يفسد الدماغ ويثقل الجسم فالعطاس يوقظ الفكر وينشط الجسم والرجلان عامر بن الطفيل وابن أخيه كما جاء في رواية الطبراني وفي رواية للبخاري "أحدهما أشرف من الآخر وإن الشريف لم يحمد الله"
(فشمت أحدهما) من التشميت وأصله إزالة شماته الأعداء والتفعيل يأتي للسلب نحو قشرت الشجرة أزلت قشرتها فاستعمل للدعاء بالخير وهو قولك للعاطس "يرحمك الله" وقيل معناه صان الله شوامتك أي قوائمك التي بها قوامك فقوام الدابة مثلا بسلامة قوائمها التي تنتفع بها إذا سلمت وقوائم الإنسان التي بها قوامه الرأس وما اتصل به من عنق وصدر وفي رواية "فسمت" بالسين فيكون دعاء له بأن يكون على سمت حسن قال ابن العربي المعنى على كلا اللفظين -شمت وسمت- بديع

الصفحة 180