كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 4)

الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها فلو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للأمر بإظهار السلام وإفشائه غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى لأنه دال على الاستحباب ولا يلزم من ترك المستحب الكراهة بل يكون خلاف الأولى فلو لم يسلم المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان الأولى تاركا المستحب والآخر فاعلا للسنة
خامسا ومن المسائل المتفرقة التي تتعلق بالسلام
1 - أنه يشرع التسليم على الصبيان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله إذ فيه تدريب لهم على تعلم السنة ورياضة لهم على آداب الشريعة ليبلغوا متأدبين بآدابها هذا إذا لم يكن الصبي وضيئا يخشى منه الافتتان ولو سلم الصبي على البالغ وجب عليه الرد على الصحيح
2 - والتسليم بالإشارة وحدها لا يكفي حيث أمكن النطق والسماع بل ورد الزجر عنه في حديث "لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة وتسليم النصارى بالأكف" وتكفي من الأخرس الإشارة والظاهر أنها تكفي وحدها مع البعد الذي لا يبلغه الصوت ويجب في الرد على الأصم الجمع بين اللفظ والإشارة ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربي جاز وهو -مع القدرة على العربي- من باب ترك المستحب وليس بمكروه وفي استحقاقه الجواب خلاف
3 - والمصافحة بأخذ اليد باليد سنة مجمع عليها عند التلاقي لأنها مما يولد المحبة ومن تمامها أخذ الكف بين الكفين ومن آدابها ألا ينزع يده حتى يكون البادئ بها هو الذي ينزع يده ولا يصرف وجهه حتى يكون هو الذي يصرفه ويستثنى من المصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن
4 - قال ابن بطال اختلف الناس في المعانقة والتقبيل فكرههما مالك لما رواه الترمذي "قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال لا قلنا أفيقبل بعضنا بعضا قال لا قلنا أفيصافح بعضنا بعضا

الصفحة 194