كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 4)

وأسواتاه الرجال والنساء يحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض
(الأمر أشد) أي أمر القيامة وأهوال المحشر أشد
(من أن يهمهم ذلك) بضم الياء من أهم الرباعي أي يشغلهم وبفتح الياء من همه الشيء إذا أذاه قال ابن حجر والأول أولى والإشارة إلى نظر بعضهم إلى سوأة بعض

-[فقه الحديث]-
وصفت أحاديث أخرى أرض المحشر بأنها ستكون بيضاء كأنها الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل فوقها خطيئة مستوية لا حدب فيها يرد البصر ولا بناء يستر ما وراءه ولا علامة يعلمها بها أحد ويصف هذا الحديث أهل المحشر بأنهم سيكونون حفاة عراة ولكل واحد ما كان له من الأعضاء يوم ولد فمن قطع عنه شيء رد إليه وقد تعارض ظاهر هذا الحديث مع حديثين
أحدهما رواه أبو داود وصححه ابن حبان عن أبي سعيد أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها" وجمع بينهما بأنهم يخرجون من قبورهم بثيابهم التي دفنوا فيها ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة وقيل في الجمع أن بعضهم يحشر عاريا وبعضهم كاسيا وهذا القول ليس بشيء وحمل بعضهم قول الرسول في حديث أبي سعيد "إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها" حمله بعضهم على العمل أخذا من قوله تعالى {ولباس التقوى ذلك خير}
وثانيهما يفهم من قوله "حفاة" أنهم سيكونون مشاة وهذا صرح به في رواية وهذا يتعارض مع ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير" وجمع الكرماني فقال هذا الحشر في آخر الدنيا قبيل القيامة والتعبير بالاعتقاب

الصفحة 212