كتاب المنهل الحديث في شرح الحديث (اسم الجزء: 4)

-[المباحث العربية]-
(كلمتان) أي كلامان فهو من باب إطلاق الكلمة على الكلام وهو خبر مقدم وما بعده صفة بعد صفة والمبتدأ جملتا "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" لأنهما وإن كانا منصوبين على الحكاية فهما في محل رفع ولا يرد أن الخبر مثنى والمبتدأ ليس كذلك لأنه على حذف العاطف أي سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم كلمتان خفيفتان إلخ وقدم الخبر ليشرف السامع إلى المبتدأ فيكون أوقع في النفس وأدخل في القبول لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب ورجح بعضهم كون "سبحان الله إلخ" هو الخبر لأنه مؤخر لفظا والأصل عدم مخالفة اللفظ محله إلا لموجب يوجبه ولأنه محط للفائدة بنفسه بخلاف "كلمتان" فإنه إنما يكون محطا للفائدة باعتبار وصفه بالخفة على اللسان والثقل في الميزان والمحبة للرحمن لا باعتبار ذاته إذ ليس متعلق الغرض الإخبار منه صلى الله عليه وسلم عن سبحان الله إلخ بأنهما كلمتان بل بملاحظة وصفه بما ذكر فكان اعتبار سبحان الله إلخ خبرا أولى وهو من قبيل الخبر المفرد بلا تعدد لأن كلا من سبحان الله عامله المحذوف الأول والثاني مع عامله الثاني إنما أريد لفظه والجملة المتعددة إذا أريد لفظها فهي من قبيل المفرد المبتدأ لأنه معلوم وكلمتان باعتبار وصفه بما ذكر هو الخبر لأنه مجهول والقاعدة إذا اجتمع معلوم ومجهول يجعل المعلوم مبتدأ والمجهول خبرا
(حبيبتان) تثنية حبيبة بمعنى محبوبة وفعيل إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا ذكر الموصوف نحو رجل قتيل وامرأة قتيل فإن لم يذكر الموصوف فرق بينهما نحو قتيل وقتيلة وحينئذ فوجه لحوق علامة التأنيث هنا أن التسوية جائزة لا واجبة ومناسبته للخفيفة والثقيلة لأنهما بمعنى الفاعل لا المفعول وقيل هذه التاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الإسمية
(خفيفتان على اللسان) فيه استعارة حيث شبه سهولة جريانهما على اللسان بخفة المحمول من الأمتعة واشتق من ذلك (خفيفتان) بمعنى سهلتي الجري على اللسان لقلة حروفهما ورشاقتهما

الصفحة 273