كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

قَالَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدْ كَانَ مَنْ كَانَ مِنَّا بِمَكَّةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدْ أَسْلَمُوا، فَكَانُوا يَكْتُمُونَ إِسْلَامَهُمْ، وَيَخَافُونَ يُظْهِرُونَ ذَلِكَ فَرَقًا مِنْ أَنْ يَثِبَ عَلَيْهِمْ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ فَيُوثَقُوا كَمَا أَوْثَقَتْ بَنُو مَخْزُومٍ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَبَّاسَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَغَيْرَهُمَا، فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ: «§مَنْ لَقِيَ مِنْكُمُ الْعَبَّاسَ وَطَالِبًا وعَقِيلًا وَنَوْفَلًا وَأَبَا سُفْيَانَ فَلَا تَقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ أُخْرِجُوا مُكْرَهِينَ»
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى الشَّامِيُّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: كُنْتُ غُلَامًا لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَ §الْإِسْلَامُ قَدْ دَخَلَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَأَسْلَمَ الْعَبَّاسُ وَأَسْلَمَتْ أُمُّ الْفَضْلِ وَأَسْلَمْتُ، فَكَانَ الْعَبَّاسُ يَهَابُ قَوْمَهُ وَيَكْرَهُ خِلَافَهُمْ، فَكَانَ يَكْتُمُ إِسْلَامَهُ وَكَانَ ذَا مَالٍ مُتَفَرِّقٍ فِي قَوْمِهِ فَخَرَجَ مَعَهُمْ إِلَى بَدْرٍ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا رُؤَيْمُ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ أَبِي عِيسَى، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَ بَدْرٍ: «إِنِّي §عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ قَدْ أُخْرِجُوا كَرْهًا لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِقِتَالِنَا، فَمَنْ -[11]- لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، مَنْ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم فَلَا يَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا أُخْرِجَ مُسْتَكْرَهًا» ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ: نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَعَشَائِرَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ، وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لَأُلْحِمَنَّهُ السَّيْفَ قَالَ: فَبَلَغَتْ مَقَالَتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: «يَا أَبَا حَفْصٍ» قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَوَّلُ يَوْمٍ كَنَّانِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِأَبِي حَفْصٍ «أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ» ؟ فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي وَلِأَضْرِبَ عُنُقَ أَبِي حُذَيْفَةَ بِالسَّيْفِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَافَقَ. قَالَ: وَنَدِمَ أَبُو حُذَيْفَةَ عَلَى مَقَالَتِهِ فَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بآمِنٍ مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قُلْتُ يَوْمَئِذٍ، وَلَا أَزَالُ مِنْهَا خَائِفًا إِلَّا أَنْ يُكَفِّرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِّي بِالشَّهَادَةِ، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا

الصفحة 10