كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

بْنِ جَحْدَمٍ أَخَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، فَإِنَّكَ ذُو مَالٍ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ اسْتَكْرَهُونِي، قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْلَامِكَ، إِنْ يَكُ مَا تَذْكُرُ حَقًّا فَاللَّهُ يُجْزِيكَ بِهِ، فَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا، فَافْدِ نَفْسَكَ» . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَ مِنْهُ عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْسِبْهَا لِي مِنْ فِدَايَ قَالَ: «لَا، ذَاكُ شَيْءٌ أَعْطَانَاهُ اللَّهُ مِنْكَ» . قَالَ: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ، قَالَ: " فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَ بِمَكَّةَ حِينَ خَرَجْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ لَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ، ثُمَّ قُلْتَ لَهَا: إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا وَكَذَا، وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا وَكَذَا ". قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهَا، وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَفَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ وَحَلِيفَهُ
قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ ابْنُ أَخِي مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أَخِينَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِدَاهُ. فَقَالَ: «لَا، وَلَا §دِرْهَمًا»
قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى النَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: §فَدَى الْعَبَّاسُ نَفْسَهُ وَابْنَ أَخِيهِ عَقِيلًا بِثَمَانِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ، وَيُقَالُ: أَلْفُ دِينَارٍ، قَالُوا: وَخَرَجَ الْعَبَّاسُ إِلَى مَكَّةَ، فَبَعَثَ بِفِدَائِهِ وَفِدَاءِ ابْنِ أَخِيهِ، وَلَمْ يَبْعَثْ بِفِدَاءِ حَلِيفِهِ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، فَأَخْبَرَهُ وَرَجَعَ أَبُو رَافِعٍ، فَكَانَ رَسُولَ الْعَبَّاسِ بِفِدَائِهِ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: مَا قَالَ لَكَ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ الْأَمْرَ، فَقَالَ: وَأَيُّ قَوْلٍ أَشَدُّ مِنْ هَذَا؟ احْمِلِ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ تَحُطَّ رَحْلَكَ , فَحَمَلَهُ فَفَدَاهُمُ الْعَبَّاسُ

الصفحة 14