كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)
نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلًا سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يَذْكُرُ حَدِيثَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حِينَ أَمَرَ اللَّهُ دَاوُدَ أَنْ يَبْنِيَهُ إِلَّا ذَكَرَهُ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا سَمِعْتُهُ، وَقَالَ آَخَرُ: أَنَا سَمِعْتُهُ يَعْنِي: مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم. قَالَ: فَأَرْسَلَ عُمَرُ أُبَيًّا قَالَ: وَأَقْبَلَ أُبَيٌّ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ أَتَتَّهِمُنِي عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ لَا وَاللَّهِ مَا أَتَّهَمْتُكَ عَلَيْهِ، وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم ظَاهِرًا. قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: اذْهَبْ فَلَا أَعْرِضُ لَكَ فِي دَارِكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: أَمَّا إِذْ فَعَلْتَ هَذَا فَإِنِّي قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أُوَسِّعُ بِهَا عَلَيْهِمْ فِي مَسْجِدِهِمْ، فَأَمَّا وَأَنْتَ تُخَاصِمُنِي فَلَا، قَالَ: فَخَطَّ عُمَرُ لَهُمْ دَارَهُمُ الَّتِي هِيَ لَهُمُ الْيَوْمُ، وَبَنَاهَا مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ §دَارٌ إِلَى جُنُبِ الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: هَبْهَا لِي أَوْ بِعْنِيهَا حَتَّى أُدْخِلَهَا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَبَى. قَالَ: فَاجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَجَعَلَا أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ بَيْنَهُمَا، قَالَ: فَقَضَى أُبٌّي عَلَى عُمَرَ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: مَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم أَحَدٌ أَجْرَأُ عَلَيَّ مِنْ أُبَيٍّ، قَالَ: أَوَ أَنْصَحُ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا عَلِمْتَ قِصَّةَ الْمَرْأَةِ أَنَّ دَاوُدَ لَمَّا بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَدْخَلَ فِيهِ بَيْتَ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِهَا، فَلَمَّا بَلَغَ حُجَرَ الرِّجَالِ مُنِعَ بِنَاؤُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ إِذْ مَنَعْتَنِي فَفِي عَقِبِي مِنْ بَعْدِي فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: أَلَيْسَ قَدْ قَضَيْتَ لِي؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَهِيَ لَكَ قَدْ جَعَلْتُهَا لِلَّهِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ الْعَبَّاسَ جَاءَ إِلَى عُمَرَ -[23]-، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم §أَقْطَعَنِي الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَجَاءَ بِهِ فَشَهِدَ لَهُ قَالَ فَلَمْ يُمْضِ لَهُ عُمَرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ، فَأَغْلَظَ الْعَبَّاسُ لِعُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ خُذْ بِيَدِ أَبِيكَ - وَقَالَ سُفْيَانُ: عَنْ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ -: قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا الْفَضْلِ لَأَنَا بِإِسْلَامِكَ كُنْتُ أَسَرَّ مِنِّي بِإِسْلَامِ الْخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ لِمَرْضَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم
الصفحة 22