كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ فِي أَبٍ لِلْعَبَّاسِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَطَمَهُ الْعَبَّاسُ، فَاجْتَمَعَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَنَلْطِمَنَّهُ كَمَا لَطَمَهُ وَلَبِسُوا السِّلَاحَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَجَاءَ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ النَّاسِ تَعْلَمُونَ §أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟» قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ: «فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، لَا تَسُبُّوا أَمْوَاتَنَا، فَتُؤْذُوا أَحْيَاءَنَا» . قَالَ: فَجَاءَ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِكَ، اسْتَغْفِرْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ
قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ أَهْلِ الْأَرْضِ §أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ؟» . قَالُوا: أَنْتَ. قَالَ: «فَإِنَّ الْعَبَّاسَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، لَا تُؤْذُوا الْعَبَّاسَ فَتُؤْذُونِي» . وَقَالَ: «مَنْ سَبِّ الْعَبَّاسَ فَقَدْ سَبَّنِي»
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَقِيَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ، وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ بَنِي سَهْمٍ جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ؟ فَصَفَحَ عَنْهُ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَصَفَحَ عَنْهُ، ثُمَّ لَقِيَهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ يَدَهُ فَوَجَأَ أَنْفَهُ، فَكَسَرَهُ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ كَمَا هُوَ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: «مَا هَذا؟» قَالَ: الْعَبَّاسُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ، فَقَالَ: «مَا أَرَدْتَ إِلَى الرَّجُلِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ» ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ فِي النَّارِ، وَلَكِنَّهُ لَقِيَنِي، فَقَالَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَرَأَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ هَاشِمٍ وَالْغَيْطَلَةَ كَاهِنَةَ -[25]- بَنِي سَهْمٍ جَمَعَهُمَا اللَّهُ جَمِيعًا فِي النَّارِ، فَصَفَحْتُ عَنْهُ مِرَارًا، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا مَلَكَتُ نَفْسِي، وَمَا إِيَّاهُ أَرَادَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ §يُؤْذِي أَخَاهُ فِي الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا»
الصفحة 24