كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

قَالَ: وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} [التوبة: 74] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ: وَنَزَلَتْ {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ، وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 74] فَقَالَ: قَدْ قُلْتُهُ , وَقَدْ عَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ التَّوْبَةَ فَأَنَا أَتُوبُ فَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ. وَكَانَ لَهُ قَتِيلٌ فِي الْإِسْلَامِ , فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُ دِيَّتَهُ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ قَالَ: وَقَدْ كَانَ هَمَّ أَنْ يَلْحَقَ بِالْمُشْرِكِينَ، قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم لِلْغُلَامِ: «§وَفَتْ أُذُنُكَ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْجُلَاسِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ , وَكَانَ قَدْ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ , وَخَرَجَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ نَاسٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَخْرُجُوا فِي غَزْوَةٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَتَكَلَّمُوا بِالنِّفَاقِ , فَقَالَ الْجُلَاسُ مَا قَالَ , فَرَدَّ عَلَيْهِ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَوْلَهُ، وَكَانَ مَعَهُ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ , وَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ وَلَا أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً وَاللَّهِ لَئِنْ كَتَمْتُهَا لَأَهْلَكَنَّ وَلَئِنْ أَفْشَيْتُهَا لَتُفْتَضَحَنَّ , وَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الْأُخْرَى، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم , فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْجُلَاسُ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ اعْتَرَفَ الْجُلَاسُ بِذَنْبِهِ، وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْ خَيْرٍ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا عُرِفَ بِهِ تَوْبَتُهُ

الصفحة 376