كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

هَاجَرَ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الشَّامِ فِي أَرْبَعِ مِائَةِ عَبْدٍ، فَأَعْتَقَهُمْ، فَانْتَسَبُوا جَمِيعًا إِلَى هَمْدَانَ بِالشَّامِ، فَلِذَلِكَ كَرِهَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ يُزَوِّجُوا أَهْلَ الشَّامِ لِكَثْرَةِ دَغَلِهِمْ، وَمَنِ انْتَمَى إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَأَرْوَى بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَأُمُّهَا بِنْتُ عُمَيْرِ بْنِ مَازِنَ قَالَ هِشَامٌ: وَقَدْ أَدْرَكَ أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَرَوَى عَنْهُ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَكَانَ رَجُلًا عَلَى عَهْدِهِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ - قَالَ لِيَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمَا فِي ذَلِكَ إِذْ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي أَرَادَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ , فَقَالَا: لِمَ يَصْنَعُ هَذَا؟ فَمَا هَذَا مِنْكَ إِلَّا نَفَاسَةٌ عَلَيْنَا، فَوَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَنِلْتَ صِهْرَهُ، فَمَا نَفِسْنَا ذَلِكَ عَلَيْكَ، قَالَ: فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ، فُأُرْسِلُوهُمَا، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الظُّهْرَ، سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ، فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا، فَأَخَذَ بِآذَانِنَا، ثُمَّ قَالَ: «§أَخْرِجَا مَا تَصْرُوانِ» ، وَدَخَلَ فَدَخَلْنَا مَعَهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُصِيبَ مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَنُؤَدِّيَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ , قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ -[59]- الْبَيْتِ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، قَالَ: فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَبُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهَا، كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَنْ كَلَامِهِ، وَأَقْبَلَ، فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآل مُحَمَّدٍ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ، ادْعُوا إِلَيَّ مَحْمِيَةَ بْنَ جَزْءَ - وَكَانَ عَلَى الْعُشُورِ - وَأَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ» قَالَ: فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: «أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ» - لِلْفَضْلِ - فَأَنْكَحَهُ، وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: «أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ» ، فَأَنْكَحَنِي، ثُمَّ قَالَ لِمَحْمِيَةَ: «أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ»

الصفحة 58