كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَعَثَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَكَانَ يُحِبُّهُ وَيُحِبُّ أَبَاهُ قَبْلَهُ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشٍ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ مَا جُرِّبَ أُسَامَةُ فِي قِتَالٍ، فَلَقِيَ، فَقَاتَلَ، فَذُكِرَ مِنْهُ بَأْسٌ، قَالَ أُسَامَةُ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم وَقَدْ أَتَاهُ الْبَشِيرُ بِالْفَتْحِ، فَإِذَا هُوَ مُتَهَلِّلٌ وَجْهُهُ، فَأَدْنَانِي مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: «حَدِّثْنِي» ، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ، فَقُلْتُ: فَلَمَّا انْهَزَمَ الْقَوْمُ أَدْرَكْتُ رَجُلًا وَأَهْوَيْتُ إِلَيْهِ بِالرُّمْحِ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ، فَقَتَلْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، وَقَالَ: «§وَيْحَكَ يَا أُسَامَةُ فَكَيْفَ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْحَكَ يَا أُسَامَةُ فَكَيْفَ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى لَوَدِدْتُ أَنِّي انْسَلَخْتُ مِنْ كُلِّ عَمَلٍ عَمِلْتُهُ، وَاسْتَقْبَلْتُ الْإِسْلَامَ يَوْمَئِذٍ جَدِيدًا، فَلَا وَاللَّهِ لَا أُقَاتِلُ أَحَدًا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ قَالَ ذُو الْبَطْنِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: لَا §أُقَاتِلُ رَجُلًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَبَدًا، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا أُقَاتِلُ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَبَدًا. فَقَالَ لَهُمَا رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] ، فَقَالَا: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ يَأْتِي النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلم فِي الشَّيْءِ فَيُشَفَّعُهُ فِيهِ، فَأَتَاهُ مَرَّةً فِي حَدٍّ، فَقَالَ: «يَا أُسَامَةُ §لَا تَشْفَعْ فِي حَدٍّ»
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو وَلِيدٍ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم؟ -[70]- فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: «لِمَ §تَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟» ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم، فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»
الصفحة 69