كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

بِهَا وَمُرِّنَّا عَلَيْهَا وَوَرِثْنَاهَا عَنْ آبَائِنَا كَابِرًا فَكَابِرًا، نَرْمِي بِالنَّبْلِ حَتَّى تَفْنَى، ثُمَّ نُطَاعِنُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى تُكْسَرَ الرَّمَّاحُ، ثُمَّ نَمْشِي بِالسُّيُوفِ فُنَضَارِبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا أَوْ مِنْ عَدُوِّنَا، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَنْتُمْ أَصْحَابُ حَرْبٍ، فَهَلْ فِيكُمْ دُرُوعٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ شَامِلَةٌ، وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتَ إِنَّا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ فِي أَنْفُسِنَا غَيْرُ مَا يَنْطِقُ بِهِ لَقُلْنَاهُ , وَلَكِنَّا نُرِيدُ الْوَفَاءَ وَالصِّدْقَ وَبَذْلَ مُهَجِ أَنْفُسِنَا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، قَالَ: وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَغَّبَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ فَأَجَابَهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِالْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ، فَبَايَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم يُؤَكِّدُ لَهُ الْبَيْعَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْأَنْصَارِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ §أَخْفُوا جَرْسَكُمْ , فَإِنَّ عَلَيْنَا عُيُونًا، وَقَدِّمُوا ذَوِي أَسْنَانِكُمْ فَيَكُونُونَ الَّذِينَ يَلُونَ كَلَامِنَا مِنْكُمْ , فَإِنَّا نَخَافُ قَوْمَكُمْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ إِذَا بَايَعْتُمْ فَتَفَرَّقُوا إِلَى مَجَالِسِكُمْ، وَاكْتُمُوا أَمْرَكُمْ , فَإِنْ طَوَيْتُمْ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الْمَوْسِمُ، فَأَنْتُمُ الرِّجَالُ، وَأَنْتُمْ لِمَا بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: يَا أَبَا الْفَضْلِ اسْمَعْ مِنَّا، فَسَكَتَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ الْبَرَاءُ: لَكَ وَاللَّهِ عِنْدَنَا كِتْمَانُ مَا تُحِبُّ أَنْ نَكْتُمَ وَإِظْهَارُ مَا تُحِبَّ أَنْ نُظْهِرَ وَبَذْلُ مُهَجِ أَنْفُسِنَا وَرِضَا رَبِّنَا عَنَّا إِنَّا أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ، وَأَهْلُ مَنَعَةٍ وَعِزٍّ، وَقَدْ كُنَّا عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ حَجَرٍ وَنَحْنُ كَذَا، فَكَيْفَ بِنَا الْيَوْمَ حِينَ بَصَّرَنَا اللَّهُ مَا أَعْمَى عَلَى غَيْرِنَا وَأَيَّدْنَا بِمُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلم، ابْسُطْ يَدَكَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ضَرَبَ عَلَى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَيُقَالُ

الصفحة 8