كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)
قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَرْدَانَبَه، عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ بِالْمَدَائِنِ فِي بَعْضِ طُرُقِهَا يَمْشِي، فَزَحِمَتْهُ حَمَلَةٌ مِنْ قَصَبٍ، فَأَوْجَعَتْهُ، فَتَأَخَّرَ إِلَى صَاحِبِهَا الَّذِي يَسُوقُهَا، فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ، فَحَرَّكَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا §مِتَّ حَتَّى تُدْرِكَ إِمَارَةَ الشَّبَابِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنُّ سَلْمَانَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْمَدَائِنِ، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى النَّاسِ فِي أَنْدَرْوَرْدَ وَعَبَاءَةٍ، فَإِذَا رَأَوْهُ، قَالُوا: كُرْكَ آمَذْ كُرْكَ آمَذْ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: مَا يَقُولُونَ؟ قَالُوا: يُشَبِّهُونَكَ بِلُعْبَةٍ لَهُمْ، فَيَقُولُ سَلْمَانُ: لَا عَلَيْهِمُ، فَإِنَّمَا §الْخَيْرُ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ هُرَيْمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ عَلَى حِمَارٍ عُرْيٍ، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ سُنْبُلَانِيٌّ قَصِيرٌ ضَيِّقُ الْأَسْفَلِ، وَكَانَ رَجُلًا طَوِيلَ السَّاقَيْنِ كَثِيرَ الشَّعْرِ، وَقَدِ ارْتَفَعَ الْقَمِيصُ حَتَّى بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ، قَالَ: وَرَأَيْتُ الصِّبْيَانَ يَحْضُرُونَ خَلْفَهُ، فَقُلْتُ: أَلَا تَنَحَّوْنَ عَنِ الْأَمِيرِ؟ فَقَالَ: دَعْهُمْ فَإِنَّمَا §الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي مَرْزُوقٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى سَرِيَّةٍ، فَمَرَّ بِفِتْيَانٍ مِنْ فِتْيَانِ الْجُنْدِ، فَضَحِكُوا، وَقَالُوا: هَذَا أَمِيرُكُمْ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلَا تَرَى هَؤُلَاءِ مَا يَقُولُونَ -[88]-، قَالَ: §دَعْهُمْ فَإِنَّمَا الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فِيمَا بَعْدَ الْيَوْمِ، إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ التُّرَابِ فَكُلْ مِنْهُ، وَلَا تَكُونَنَّ أَمِيرًا عَلَى اثْنَيْنِ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَالْمُضْطَرِّ فَإِنَّهَا لَا تَحْجَبُ
الصفحة 87