كتاب الطبقات الكبرى ط دار صادر (اسم الجزء: 4)

، فَحَطَّتْ إِلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْبَعِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمُسْلِمُونَ مَرْجَ الصُّفَّرِ، أَرَادَ خَالِدٌ أَنْ يُعَرِّسَ بِأُمِّ حَكِيمٍ، فَجَعَلَتْ تَقُولُ: لَوْ أَخَّرْتَ الدُّخُولَ حَتَّى يَفُضَّ اللَّهُ هَذِهِ الْجُمُوعَ، فَقَالَ خَالِدٌ: إِنَّ §نَفْسِي تُحَدِّثُنِي أَنِّي أُصَابُ فِي جُمُوعِهِمْ، قَالَتْ: فَدُونَكَ، فَأَعْرَسَ بِهَا عِنْدَ الْقَنْطَرَةِ الَّتِي بِالصُّفَّرِ، فَبِهَا سُمِّيَتْ قَنْطَرَةَ أُمِّ حَكِيمٍ، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا فِي صُبْحِ مُدْخَلِهِ، فَدَعَا أَصْحَابَهُ عَلَى طَعَامٍ، فَمَا فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ حَتَّى صَفَّتِ الرُّومُ صُفُوفَهَا صُفُوفًا خَلْفَ صُفُوفٍ، وَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مُعَلَّمٌ يَدْعُو إِلَى الْبِرَازِ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِرِيُّ، فَنَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَبَرَزَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَتَلَهُ حَبِيبٌ، وَرَجَعَ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَبَرَزَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، فَقَاتَلَ، فَقُتِلَ، وَشَدَّتْ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، وَعَدَتْ وَإِنَّ عَلَيْهَا لَدِرْعَ الْحَلُوقِ فِي وَجْهِهَا، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ عَلَى النَّهَرِ، وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا، وَأَخَذَتِ السُّيُوفُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَلَا يُرْمَى بِسَهْمٍ وَلَا يُطْعَنُ بِرُمْحٍ، وَلَا يُرْمَى بِحَجَرٍ، وَلَا يُسْمَعُ إِلَّا وَقْعُ السُّيُوفِ عَلَى الْحَدِيدِ وَهَامِ الرِّجَالِ وَأَبْدَانِهِمْ، وَقَتَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ يَوْمَئِذٍ سَبْعَةً بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي بَاتَ فِيهِ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ مُعَرِّسًا بِهَا، وَكَانَتْ وَقْعَةُ مَرْجِ الصُّفَّرِ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَشْيَاخُنَا أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَهُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ لَبِسَ سَلَبَهُ دِيبَاجًا أَوْ حَرِيرًا، فَنَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا §تَنْظُرُونَ، مَنْ شَاءَ فَلْيَعْمَلْ مِثْلَ عَمَلِ خَالِدٍ، ثُمَّ يَتَلَبَّسْ لِبَاسَ خَالِدٍ
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَزْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم بَعَثَهُ فِي رَهْطٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى مَلِكِ الْحَبَشَةِ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ وَمَعَ خَالِدٍ امْرَأَةٌ لَهُ، قَالَ: فَوَلَدَتْ لَهُ جَارِيَةً، وَتَحَرَّكَتْ وَتَكَلَّمَتْ هُنَاكَ -[100]-، ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا أَقْبَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي وَمَعَهُ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ مَعَكَ بَدْرًا، فَقَالَ: «أَوَمَا §تَرْضَى يَا خَالِدُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاسِ هِجْرَةٌ، وَلَكُمْ هِجْرَتَانِ ثِنْتَانِ» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَذَاكَ لَكُمْ» . ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَالَ لِابْنَتِهِ: اذْهَبِي إِلَى عَمِّكِ، اذْهَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَسَلِّمِي عَلَيْهِ، فَذَهَبَتِ الْجُوَيْرِيَّةُ حَتَّى أَتَتْهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا قَمِيصٌ أَصْفَرُ، فَأَشَارَتْ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم تُرِيهِ فَقَالَ: سَنَهْ سَنَهْ سَنَهْ يَعْنِي: حَسَنٌ، يَعْنِي بِالْحَبَشِيَّةِ: أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِقِي

الصفحة 99