كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

أحْيِني مِسْكِيناً (¬1)، وَأَمِتْنِي مِسْكِيْناً، وَاحْشُرنِي في زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً يَا عَائِشَةُ لاَ تَرُدِّي مِسْكِيناً، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. يَا عَائِشَةُ حُبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللهَ يُقَرِّبُك يَوْمَ الْقِيَامَةِ. رواه الترمذي، وقال: حديث غريب،
وتقدم في صلاة الجماعة حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، وفي رواية: رَبِّي في أَحْسَنِ صُورَةٍ. فذكر الحديث إلى أن قال: قالَ ياَ مَحمَّدْ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ (¬2). فَقَالَ: إِذَا صَلَّيْتَ، قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْك المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً (¬3)، فاقْبِضْنِي إلَيْكَ (¬4) غَيْرَ مَفْتُونٍ. الحديث. رواه الترمذي وحسنه.

23 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مِسْكِيناً، وَتَوَفَّنِي مِسْكِيناً، وَاحْشُرْنِي في زُمْرَةِ المَسَاكِينِ وَإِنَّ أَشْقَى الأَشْقِيَاءِ (¬5) مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الآخِرَةِ. رواه ابن ماجة إلى قوله: المساكين، والحاكم بتمامه، وقال صحيح الإسناد.
ورواه أبو الشيخ والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح سمع أبا سعيد يقول:
يا أَيُّهَا النَّاسُ: لاَ تَحْمِلَنَّكُمُ الْعُسْرَةُ (¬6) عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ (¬7) مِنْ غَيْرِ حِلَّهِ، فَإِنِّي
¬_________
(¬1) المسكين: الذي لا شيء له، وهو أبلغ من الفقير. يدعو صلى الله عليه وسلم أن يرزقه الله الهيبة والخشية ويبعد عنه زخارف الدنيا حتى يخلص لعبادته سبحانه.
(¬2) إجابة بعد إجابة وإسعاداً بعد إسعاد. ثم أمر صلى الله عليه وسلم بطلب ثلاثة:
أ - الإعانة على تشييد الصالحات وإيجاد المحامد وغرس المكارم.
ب - الابتعاد عن القبائح، وهجر الموبقات وصحبة الأشرار.
جـ - إكرام الضعفاء والتقرب إلى الصالحين ومودتهم وصحبة الأخيار الأبرار.
(¬3) اختباراً.
(¬4) فألحقني إلى الرفيق الأعلى سليماً من كل محنة.
(¬5) أكثر الناس شقاءً وتعباً: الذي ضيع دنياه وآخرته، فذاق فقرها وعصى ربه فيها، فعذبه عذاباً شديداً بعد موته.
(¬6) الضيق والشدة.
(¬7) جمع المال من وجوه الحرام خشية عذاب الله في الآخرة لكم. قال تعالى:
أ -[يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (18)] من سورة البقرة.
ب - وقال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله] من سورة البقرة.

الصفحة 142