كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

الأَغْنِيَاءِ، وَلاَ تَسْتَخْلِقي (¬1) ثَوْباً حَتَّى تُرَقِّعِيهِ. رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من طريقها وغيرها كلهم من رواية صالح بن حسان، وهو منكر الحديث عن عروة عنها، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وذكره رزين فزاد فيه:
قال عروة: فَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَجِدُّ ثَوْباً حَتَّى تُرَقِّعَ ثَوْبَهَا وَتُنَكِّسَهُ (¬2)، وَلَقَدْ جَاءَهَا يَوْماً مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ ثَمَانُونَ أَلْفَاً، فَما أَمْسَى عِنْدَهَا دِرْهَمٌ، قَالَتْ لَهَا جَارِيَتُها: فَهَلاَّ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهُ لِحْمَاً بِدِرْهَمٍ؟ قَالَتْ: لَوْ ذَكَّرْتِنِي لَفَعَلْتُ.

23 - وَعَنْ أَبِي سُفيْنٍ عَنْ أَشْيَاخِهِ قالَ: قَدِمَ سَعْدٌ عَلَى سَلْمَانَ يَعُودُهُ قالَ: فَبَكَى، فَقَالَ سَعْدٌ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ تُوَفِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ، وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْحَوْضَ، وَتَلْقَى أَصْحَابَكَ. فَقَالَ: مَا أَبْكِي جَزَعاً (¬3) مِنَ الْمَوْتِ، وَلاَ حِرْصَاً عَلَى الدُّنْيَا (¬4)،
وَلكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْداً قالَ: لِتَكُنْ بُلْغَةُ (¬5) أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا كَزَادِ الرَّاكِبِ، وَحَوْلِي هذِهِ الأَسَاوِدُ، قالَ: وَإِنَّمَا حَوْلَهُ إِجَّانَةٌ (¬6) وَجَفْنَةٌ (¬7) وَمِطْهَرَةٌ (¬8)، فَقَالَ: يَا سَعْدُ: اذْكُرِ اللهَ عِنْدَ هَمِّكَ (¬9) إِذَا هَمَمْتَ، وَعِنْدَ يَدَيْكَ إِذَا قَسَمْتَ (¬10)، وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ (¬11). رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد كذا قال:
¬_________
(¬1) ولا تأتي بثوب جديد. ثلاثة تقربك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ - التقليل من الدنيا.
ب - مجالسة الفقراء لا المنعمين.
جـ - التخشن والتقشف والقناعة والزهد في الملبس.
(¬2) تقلبه، من نكسته نكساً، من باب قتل، والمعنى لا تتركه حتى يبلى ولا يصلح للبس.
(¬3) خوفاً.
(¬4) شدة الطمع. والمعنى يبكي سليمان خشية أن يسأله ربه عن هذه الأشياء التي تركها:
أ - طست.
ب - ما يوضع عليه الطعام.
جـ - إبريق.
(¬5) ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب.
(¬6) إناء يغسل فيه الثياب، والجمع أجاجين.
(¬7) مائدة، والعرب تدعو السيد المطعام جفنة، لأنه يضعها ويطعم الناس فيها: أي مضيفة للجود والإحسان.
(¬8) إداوة: أي إناء التطهير والنظافة.
(¬9) عزمك على إيجاد عمل.
(¬10) وزعت: أي سو بالعدل وفرق بالحق.
(¬11) إذا حضرت النزاع بين متخاصمين فاعدل.

الصفحة 166