كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

الْثَنَايَا (¬1)، وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ فَإِذَا اخْتَلَفُوا في شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ (¬2)، وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ: هذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الْغَدِ (¬3) هَجَّرْتُ (¬4) فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بالتَّهْجِيرِ، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِه، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: واللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فَقَالَ: آللهِ (¬5). فَقُلْتُ: آللهِ. فَقَالَ: آللهِ. فَقُلْتُ: آللهِ. فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي (¬6)، فَجَذَبَنِي إِلَيْهِ (¬7)، فَقَالَ: أَبْشِر (¬8) فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَقُولُ: قالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ (¬9) مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ (¬10)،
ولِلْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَلِلْمُتَباذِلِينَ فِيَّ (¬11). رواه مالك بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه.

13 - وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ قالَ: قُلْتُ لِمُعَاذٍ: وَاللهِ إِني لأُحِبُّكَ لِغَيْرِ دُنْيَا أَرْجُو أَنْ أُصِيبَهَا مِنْكَ، وَلاَ قَرَابَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قالَ: فَلاَ شَيءَ؟ قُلْتُ: للهِ. قالَ: فَجَذَبَ حُبْوَتِي ثُمَّ قالَ: أَبْشِرْ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: المُتَحَابُّونَ في اللهِ في ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ يَغْبِطُهُمْ (¬12) بِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ (¬13) والشُّهَدَاءُ (¬14). قالَ: وَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ فَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
¬_________
(¬1) أسنانه نظيفة لامعة لنضارة جسمه وبشاشة وجهه وحلاوة منظره.
(¬2) سلموا له زمام الكلام وشاوروه وعملوا بنصيحته ونفذوا ما أمر فهو سيدهم.
(¬3) اليوم الثاني.
(¬4) بكرت، والتهجير: التبكير إلى كل شيء، والمبادرة إليه، أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة أهـ نهاية.
(¬5) نطق بلفظ الجلالة استحساناً وزيادة فرح بمد الهمزة.
(¬6) مد يديه لأطراف ثوبي، يقال احتبى الرجل: جمع ظهره وساقيه بثوب أو غيره، وقد يحتبي بيديه، والاسم الحبوة بالكسر.
(¬7) ضمني قريباً منه.
(¬8) لك البشرى والتهنئة.
(¬9) استحقوا دخول الجنة وفازوا بنعيمها تحتماً، وهذا فضل من الله، ولكن جعله حتماً تكرماً وحلماً منه وجوداً.
(¬10) أحب بعضهم بعضاً في الله فيجلسون في طاعة الله، ويتدارسون القرآن والعلم، ويذكرون ويتشاورون ويتناصحون في الله لله ..
(¬11) الذين يبذلون جهد الطاقة في تحميده وتسبيحه وتكبيره متخاضعين متواضعين مائلين إلى الزهد والورع، وفي النهاية التبذل ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجملية على جهة التواضع كما قال الشاعر:
* هينون لينون أيسار ذوو كرم *
(¬12) يتمنون نيل هذه المنزلة الرفيعة والدرجة السامية.
(¬13) الأنبياء.
(¬14) الذين استبسلوا وماتوا في الجهاد في سبيل نصر دين الله تعالى وحده. =

الصفحة 18