كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَعَلَيْهَا فَضْلَةٌ (¬1) مِنْ طَعَامٍ قَطّ. رواه ابن أبي الدنيا إلا أنه قال: وَمَا رُفِعَ بَيْنَ يَدِيْهِ كِسْرَةٌ فَضْلاً حَتَّى قُبِضَ.

97 - وللترمذي وحسنه من حديث أبي أمامة قال: مَا كَانَ يَفْضُلُ عَنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم خُبْزُ الشَّعِيرِ.
إن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى معادنه

98 - وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَرَأَيْتُهُ مُتَغَيِّراً (¬2) فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ، مَالِي أَرَاكَ مُتَغَيِّراً؟ قالَ: مَا دَخَلَ جَوْفِي مَا يَدْخُلُ جَوْفَ ذَاتِ (¬3) كَبِدٍ مُنْذُ ثَلاثٍ. قالَ: فَذَهَبْتُ فَإِذَا يَهُودِيٌّ يَسْقِي إِبِلاً لَهُ، فَسَقَيْتُ لَهُ عَلَى كُلِّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ (¬4)، فَجَمَعْتُ تَمْراً، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ يَا كَعْبُ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: أَتُحِبُّنِي (¬5) يَا كَعْبُ؟ قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ (¬6) نَعَمْ. قالَ: إِنَّ الْفَقْرَ أَسْرَعُ إِلى مَنْ يُحِبُّنِي مِنَ السَّيْلِ (¬7) إِلى مَعَادِنِهِ، وَإِنَّهُ سَيُصِيبُكَ بَلاءٌ (¬8)، فَأَعِدَّ لَهُ تَجْفَافاً (¬9). قَالَ: فَفَقَدَهُ (¬10)
النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟ قَالُوا: مَرِيضٌ، فَخَرَجَ يَمْشِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ يَا كَعْبُ (¬11)، فَقَالَتْ أُمُّهُ: هَنِيئاً لَكَ الْجَنَّةُ يَا كَعْبُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ هذِهِ الْمُتَأَلِّيَةُ (¬12) عَلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ؟ قُلْتُ: هِيَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ:
¬_________
(¬1) شيء زائد، من فضل فضلاً: زاد، وخذ الفضل: أي الزيادة، والفضالة بالضم اسم لما يفضل، والفضلة مثله وتفضل عليه وأفضل إفضالاً بمعنى، وفضلته على غيره تفضيلاً: صبرته أفضل منه. والفضيلة والفضل: الخير.
(¬2) على وجهه علامة الجوع الذي يؤثر على الجسم فيضعفه.
(¬3) أي ورح فيه الحياة: أي لم أذق طعاماً وشراباً مدة ثلاثة أيام ابتغاء صفاء الجسم لله وإشراق نور الحكمة في فؤاده ورغبة عن متاع الدنيا الزائل وحباً في الإخلاص لله تعالى.
(¬4) بتمرة كذا ط وع ص 342 - 2 وفي ن د: على كل دلو تمرة بأبي أنت وأمي.
(¬5) هل أنا حبيب لك؟.
(¬6) أفديك بأبي، وهذا دعاء متناول لم يوجد أعز منه عندهم.
(¬7) جري الماء إلى منابعه.
(¬8) اختبار على صبرك ومحن تصهر إيمانك.
(¬9) ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح، وفرس مجفف عليه تجفاف والجمع التجافيف أهـ نهاية. أي خذ العدة لتحمل آلام اختبار الله جل وعلا واستعد.
(¬10) غاب عنه وسأل عنه فلم يجده فسأل عنه صلى الله عليه وسلم شأن الراعي الرؤوف برعيته يبحث عن أصحابه ويتطلع إلى أخبارهم ..
(¬11) لك البشرى والتهنئة.
(¬12) التي تحكم على الله عز وجل، ومنه حديث "من يتألى على الله يكذبه" أي من حكم عليه وحلف.

الصفحة 191