كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ عِنْدِي كِسَرٌ مِنْ خُبْزٍ وَتَمَراتٍ، فَإِنْ جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم وَحْدَهُ أَشْبَعْنَاهُ، وَإِنْ جَاءَ آخَرُ مَعَهُ قَلّ عَنْهُمْ (¬1). فذكر الحديث رواه البخاري ومسلم.

112 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلى الصَّفَا (¬2)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا جِبْرِيْلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْسَى لآلِ مُحَمَّدٍ سَفَةٌ (¬3) مِنْ دَقِيقٍ وَلاَ كَفٌّ (¬4) مِنْ سَوِيقٍ فَلَمْ يَكُنْ كَلاَمُهُ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ سَمِعَ هَدَّةً (¬5) مِنَ السَّمَاءِ أَفْزَعَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَرَ اللهُ الْقِيَامَةَ أَنْ تَقُومَ؟ قالَ: لاَ وَلكِنْ أَمَرَ إِسْرَافِيلَ، فَنَزَلَ إِلَيْكَ (¬6) بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ أَنْ أُسَيِّرَ مَعَكَ جِبَالَ تِهَامَةَ زُمُرُّداً وَيَاقُوتاً وذَهَباً وَفِضَّةً فَعَلْتُ، فَإِنْ شِئْتَ نَبِيّاً مَلِكاً، وَإِنْ شِئْتَ نَبيّاً عَبْداً فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ تَوَاضَعْ (¬7) فَقَالَ: بَلْ نَبِيّاً عَبْداً ثَلاثاً. رواه الطبراني بإسناد حسن والبيهقي في الزهد وغيره.

113 - ورواه ابن حبان في صحيحه مختصراً من حديث أبي هريرة، ولفظه قال: جَلَسَ جِبْرِيلُ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، فَنَظَرَ إِلى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ يَنْزِلُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: هذَا الْملَكُ مَا نَزَلَ مُنْذُ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قالَ: يَا مُحَمَّدُ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ أَمَلِكاً أَجْعَلُكَ أَمْ عَبْداً رَسُولاً؟ قالَ لَهُ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لا، بَلْ عَبْداً رَسُولاً (¬8).
¬_________
(¬1) ما عندنا لا يكفي اثنان ولكن بفضل الله يشبعان.
(¬2) جبل بجوار البيت الحرام.
(¬3) ما يستف.
(¬4) قدر ملء كف من السويق: وهو ما يعمل من الحنطة والشعير، ومنه أكثر شربي السويق ملتوتاً.
(¬5) رجفة وصوت مزعج.
(¬6) أرسلني إليك.
(¬7) أظهر اللين والخشوع لربك.
(¬8) أريد أن أكون عبداً: أي أظهر التذلل لك والخضوع. وفي الغريب العبودية إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى ولهذا قال [ألا تعبدوا إلا إياه] العبد على أربعة أضرب: الأول عبد بحكم الشرع، وهو الإنسان الذي يصح بيعه وابتياعه نحو [العبد بالعبد، =

الصفحة 196