كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِمْ وَقُلْتُ: كَانَ النَّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم يُحِبُّ هذَا. رواه الطبراني بإسناد جيد.

117 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: لَقَدْ أُخِفْتُ (¬1) في اللهِ وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ (¬2) في اللهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُونَ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَمَا لِيَ وَلِبَلالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ (¬3) إِلاَّ شَيءٌ يُوَارِيهِ (¬4) إِبْطُ بِلالٍ. رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
[ومعنى هذا الحديث] حِينَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم هَارِباً مِنْ مَكَّةَ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ إِنَّمَا كَانَ مَعَ بِلاَلٍ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَحْمِلُ تَحْتَ إِبْطِهِ، انْتَهَى.
مالي وللدنيا

118 - وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ في جَنْبِهِ (¬5). قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً (¬6)؟ فَقَالَ: مَالِي وَلِلدُّنْيَا (¬7) مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا. رواه ابن ماجة والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
والطبراني ولفظه قال: دَخَلْتُ علَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم، وَهُوَ في غُرْفَةٍ كَأَنَّهَا بَيْتُ حَمَّامٍ، وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى حَصِيرٍ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا عَبْدَ اللهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ كِسْرَى وَقَيْصَرُ يَطَؤُونَ عَلَى الْخَزِّ وَالدِّيْبَاجِ وَالْحَرِيرِ، وَأَنْتَ نَائِمٌ عَلى هذا الْحَصِيرِ قَدْ أَثَّرَ بِجَنْبِكَ؟ قالَ: فَلاَ تَبْكِ يَا عَبْدَ اللهِ، فَإِنَّ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَلَنَا الآخِرَةُ (¬8) وَمَا أَنَا والدُّنْيَا، وَمَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلاَّ كَمَثَلِ رَاكِبٍ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ سَارَ وَتَرَكَهَا. ورواه أبو الشيخ في كتاب الثواب بنحو الطبراني.
¬_________
(¬1) لقد أخافني الله: أي حصل مني خوف.
(¬2) لأقد أذاني الناس أثناء دعوتهم إلى الله أي تحملت الأذى والمشقة.
(¬3) فيه الحياة.
(¬4) يداريه ويخفيه.
(¬5) جعل خطوطاً.
(¬6) فرشاً ليناً ومهاداً وطيئاً وقد وطؤ الفراش فهو وطئ.
(¬7) أي شيء لي والدنيا وليس وجودي في الدنيا إلا مثل المسافر المستظل مدة تحت شجرة، ثم بعد منها هكذا الدنيا كحلم نائم، وبعد نصحو ونستيقظ للدار الباقية.
(¬8) أي لنا النعيم الباقي بطاعة الله.

الصفحة 198