كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

حال المتحابين في الله يوم القيامة وجزاؤهم

18 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ عِباداً لَيْسُوا بِأَنْبِياءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِياءُ والشُّهَدَاءُ. قِيلَ: مَنْ هُمْ لَعَلَّنَا نُحِبُّهْمْ؟ قالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا (¬1) بِنُورِ اللهِ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ (¬2) وَلاَ أَنْسابٍ، وُجُوهُهُمْ نُورٌ (¬3) عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ. لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ (¬4)، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، ثُمَّ قرَأَ: [أَلاَ إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (¬5)].
رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، واللفظ له، وهو أتمّ.

19 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ للهِ عِباداً يُجْلِسُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَغَشِّي (¬6) وُجُوهَهُمُ النُّورُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْ حِسَابِ الْخَلائِقِ (¬7). رواه الطبراني بإسناد جيد.

20 - وَعَنِ العِرْباضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ
¬_________
(¬1) أظهروا المحبة على ضوء تعاليم الإسلام كما قال تعالى: [أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه] من سورة الزمر.
يتزاور في الله، يحب لله، يتخذ أنصار الله ويتوادد، ويتعاون ويجد لله.
(¬2) قرابة.
(¬3) تضيء كالقمر ليلة البدر أو كالمصباح الوهاج الساطع.
(¬4) اجتماعهم لله تعالى لا يخشون سطوة حاكم، ولا يهمهم بأس سلطان في الدنيا، وينجون من أهوال يوم القيامة. لماذا؟ لأنهم يعملون صالحاً على وفق منهج الشرع والشارع، كما قال تعالى:
أ -[وكان حقاً علينا نصر المؤمنين] 47 من سورة الروم.
ب -[والذين جاهدوا فينا لندينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين] 69 من سورة العنكبوت.
جـ -[فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين] 3 من سورة العنكبوت.
د -[وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين] 27 من سورة العنكبوت.
هـ -[وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين] 11 من سورة العنكبوت.
(¬5) [الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله، ذلك هو الفوز العظيم] 64 من سورة يونس.
لقد بشر الله المتقين المتحابين في الله على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالفوز والنصر [وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم] 10 من سورة الأنفال.
أو ما يريهم من الرؤيا الصالحة، وما يسنح لهم من المكاشفات وبشرى الملائكة عند النزع فلا يلحقهم مكروه ولا يندمون على فوات مأمول، وثقتهم بالله تامة.
(¬6) يغشي وجوههم النور كذا ط وع ص 284 - 2: أي تغطي الأضواء المتلألئة وجوههم الوضاءة، وفي ن ط حذف يغشي ويحيط.
(¬7) ينتهي سؤال الناس عن أعمالهم فينال المحسن جزاءه، والمسيء عقابه.

الصفحة 20