كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ (¬1)، وَلاَ مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ (¬2)،
وَلاَ قَاطِعُ رَحِمٍ (¬3). رواه ابنُ حبان في صحيحه.
من اقتبس علماً من علم النجوم اقتبس شعبة من السحر

16 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم: مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمَاً مِنَ النُّجُومِ (¬4) اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ (¬5).
رواه أبو داود وابن ماجة وغيرهما.
¬_________
(¬1) شارب خمر مواظب لم يتب، من أدمن إدماناً: واظبه ولازمه.
(¬2) مصدق بتأثير السحر ولم يعتقد أن المؤثر هو الله سبحانه وتعالى، فهو الذي أوجد علم السحر ليحصل فرق بينه وبين المعجزة للنبي والكرامة للولي، كما قال تعالى في ذم الكفار [واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (103) ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون] (104) من سورة البقرة.
أي نبذوا كتاب الله تعالى واتبعوا كتب السحر التي تتبعها الشياطين من الجن والإنس في عهد سليمان بن داود عليهما السلام، إذ كانوا يسترقون السمع ويصغون إلى ما سمعوا جملة أكاذيب ويلقونها إلى الكهنة، وهم يدونونها ويعلمون الناس، وفشا ذلك في عهد سيدنا سليمان عليه السلام حتى قيل إن الجن يعلمون الغيب، وأن ملك سليمان تم بهذا العلم، وأنه تسخر الجن والإنس والريح له (بابل) بلد من سواد الكوفة. يقول الملكان هاروت وماروت نحن ابتلاء من الله تعالى فمن تعلم منا السحر وعمل به كفر، ومن تعلم وتوق عمله ثبت على الإيمان، فلا تكفر باعتقاد جوازه والعمل به. وفيه دليل على أن تعلم السحر، وما لا يجوز اتباعه غير محظور، وإنما المنع من اتباعه والعمل به [ما يفرقون] أي من السحر ما يكون سبب تفريق المرء وزوجه [بضارين] لا يضر أحد أحداً إلا بإذن الله، لأن السحر وغيره من الأسباب غير مؤثرة بالذات، بل بأمره تعالى [علموا] أي اليهود [اشتراه] استبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله تعالى [خلاق] نصيب [يعلمون] يتفكرون فيه أو يعلمون قبحه [آمنوا] بالرسول والكتاب [واتقوا] بترك المعاصي كنبذ كتاب الله واتباع السحر، وإن ثواب الله خير.
(¬3) قاطع مودة الأقارب: أي ثلاثة لا ينعمون بنعيم الجنة:
أ - السكير.
ب - المصدق بالسحر والذاهب إلى السحرة ليعملوا له عملاً يضر.
جـ - الذي يكره أقاربه ولا يحسن إليهم، ولا يصلهم ويبغضهم ويبغضونه.
(¬4) أخذ من علم تأثيرها بأن اعتقد تأثيرها في العالم السفلي أو من علم الإخبار بالغيب كأن يقول وقت طلوع نجم كذا يحصل كذا؛ أما علم الأوقات بالنجوم فمطلوب أهـ حفنى.
(¬5) في الجامع الصغير المعلوم تحريمه، ثم قال المناوي: ثم استأنف جملة بقوله زاد ما زاد؛ يعني كلما زاد من علم النجوم زاد إثمه. وقال العلقمي: قال الخطابي: علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان بأوقات هبوب الرياح ومجيء المطر وظهور الحر والبرد وتغير الأسعار، وما كان في معناها من الأمور التي يزعمون أنهم يدركون معرفتها بمسير الكواكب في مجاريها، واجتماعها وافتراقها ويدعون أن لها تأثيراً في السفليات، وأنها تجري على قضاء موجباتها، وهذا منهم تهجم على =

الصفحة 37