كتاب الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (اسم الجزء: 4)

[قال الحافظ]: قد ذهب جمهور العلماء إلى أن اللعب بالنرد حرام، ونقل بعض مشايخنا الإجماع على تحريمه، واختلفوا في اللعب بالشطرنج؛ فذهب بعضهم إلى إباحته لأنه يستعان به في أمور الحرب ومكائده لكن بشروط ثلاثة: أحدها: أن لا يؤخر بسببه صلاة عن وقتها. والثاني: أن لا يكون فيه قمار. والثالث: أن يحفظ لسانه حال اللعب عن الفحش والخناء، ورديء الكلام؛ فمتى لعب به، أو فعل شيئاً من هذه الأمور كان ساقط المروءة مردود الشهادة، وممن ذهب إلى إباحته سعيد بن جبير والشعبي، وكرهه الشافعي كراهة تنزيه، وذهب جماعات من العلماء إلى تحريمه كالنرد، وقد ورد ذكر الشطرنج في أحاديث لا أعلم لشيء منها إسناداً صحيحاً ولا حسناً، والله أعلم.

الترغيب في الجليس الصالح والترهيب من الجليس السيء وما جاء فيمن جلس وسط الحلقة وأدب المجلس وغير ذلك
1 - عَنْ أَبِي موسى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قالَ: إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ (¬1) والْجَلِيسِ السُّوءِ (¬2) كَحَامِلِ الْمِسْكِ (¬3)، وَنَافِخِ الْكِيرِ (¬4)،
فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ (¬5)، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحاً طَيِّبَةً،
¬_________
= [وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد] من سورة الحديد. والإنسان خلق للعمل والجد والعبادة وطاعة الله وتسبيحه وشكره والله أعلم.
(¬1) التقي النقي الطاهر المستقيم العامل بكتاب الله وسنة نبيه.
(¬2) الشرير المجرم الفاسق العاصي.
(¬3) طيب الرائحة، وفي المصباح معروف وهو معرب، والعرب تسميه المشموم، وهو عندهم أفضل الطيب.
والمسك والعنبر خير طيب ... أخذتا بالثمن الرغيب
فالجليس الصالح يهديك ويرشدك ويدلك على الخير، وترى منه المحامد والمحاسن والمكارم، وهو كله منافع وثمرات.
(¬4) كير الحداد، وهو المبني من الطين، وقيل الزق الذي ينفخ به النار والمبني الكور، ومنه الحديث "المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها" أهـ نهاية.
يشبه صلى الله عليه وسلم الصاحب الشرير بنافخ الكير يضر ويؤذي ويعدي بالأخلاق الرديئة، ويجلب السيرة المذمومة وهو باعث الفساد والإضلال ومحرك كل فتنة وموقد نار العداوة والخصام.
(¬5) تشتريه منه. قال النووي: يحذيك: أي يعطيك وفيه ندب مجالسة الصالحين، وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب، والنهي عن مجالسة أهل الشر والبدع ومن يغتاب الناس أو يكثر =

الصفحة 49