كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 4)

بإذْنِ رَبنا".
وفي رواية: "تُرْبَةُ أرْضِنا، وَرِيقَةُ بَعْضِنا". قلت: قال العلماء: معنى بِريقَة بعضنا: أي
ببصاقه، والمراد: بصاق بني آدم. قال ابن فارس: الريق ريق الإنسان وغيره، وقد يؤنث فيه فيقال: ريقة. وقال الجوهري في "صحاحه": الريقة أخصُّ من الريق.
وروينا في "صحيحيهما" عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعوِّذ بعضَ أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهُم رَب النّاسِ أذْهِب الباسَ، اشْفِ أنْتَ الشَّافي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بإِذنِ ربنَا) أي بأمره على الحقيقة سواء كان بسبب دعاء أو دواء أو بغيره وهذه الجملة مما انفرد بها البخاري كما سبق في كلام ميرك وقوله ووضع سفيان الخ. نبه الحافظ على أن هذا وقع عند مسلم فقط ولفظه وضع سفيان من رواية ابن أبي عمر ولفظه قال فيه يقول بزاقه بأصبعه الحديث وأخرجه ابن حبان بسنده إلى سفيان أيضًا اهـ.
قوله: (وفي رِوايةٍ الخ) قال الحافظ هي رواية الفضل بن صدقة عن سفيان بن عيينة اهـ، وعلى سفيان مدار هذا الحديث وقد أخرجه الحافظ من طرق عن سبعة من أصحاب ابن عيينة عنه قال حدثنا
عبد ربه بن سعيد عن عمر عن عائشة فذكره وقال بعد تخريجه وإنه في الصحيحين وأبي داود والنسائي وأبي عوانة وابن حبان وأخرجه الحاكم فوهم في استدراكه اهـ، وقال في المرقاة وفي رواية للجماعة إلّا الترمذي وريقة بعضنا فيكون التقدير ومزجت إحداهما بالأخرى اهـ، وما ذكره تقدير معنى لا تقدير إعراب إذ الظاهر فيه أن الواو بمعنى مع فهو نظير كل صانع وصنعته وتقدير ذلك كما صرحوا به كل صانع مقرون وصنعته فكذا فيما نحن فيه فتأمله.
قوله: (وَرَوَينَا في صحيحيْهما الخ) قال في السلاح ورواه النسائي بحمد الله بارئًا. قوله: (يمسحُ بيَدِه اليُمنَى) أي يمسح - صلى الله عليه وسلم - المريض بيده اليمنى ويؤخذ منه أن ذلك سنة قاله ابن حجر في شرح المشكاة. فصل له: (ويقُولُ رَب النّاسِ) أي يقول داعيًا ربه بحذف حرف النداء يا رب الناس. قوله: (البأسَ) بالموحدة والهمزة وإبدال الهمزة هنا أنسب مراعاة للسجع في قوله رب الناس قال الحافظ العسقلاني البأس بغير همزة للازدواج فإن أصله الهمز والبأس التعب والمشقة اهـ، وفي المرقاة إنه شدة المرض. قوله: (أشْفِ أَنتَ الشَّافي)

الصفحة 57