كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية (اسم الجزء: 4)

وفي رواية: كان يرقي يقول: "امْسَحِ الباسَ رَب النّاسِ، بِيَدِكَ الشفاءُ، لا كاشِفَ لَهُ إلَّا أنْتَ".
وروينا في "صحيح البخاري " عن أنس رضي الله عنه، أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برُقْيَة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بلى، قال: "اللهُم رَب النّاسِ، مُذْهِبَ الباسِ، اشْفِ أنْتَ الشَّافِي، لا شَافِيَ إلَّا أنْتَ، شِفَاءَ لا يُغَادِرُ سَقَمًا".
قلت: معنى لا يغادر: لا يترك،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شفاء منصوب بقوله اشف ويجوز الرفع على إنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا أو هو وفائدة التقييد إنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر يتولد منه مثلًا فكان يدعو بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء قال الطبري بعد سياقه الحديث فيه من الفقه إن الرغبة إلى الله تعالى في صحة الجسد أفضل للتعبد وأصلح له من الرغبة إليه في البلاء وذلك إنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو للمرضى بالشفاء من عللهم فإن قلت ما وجه دعائه لمن دعا له بالشفاء وقد تظاهرت عنه - صلى الله عليه وسلم - الأخبار إنه قال يومًا لأصحابه من أحب أن يصح ولا يسقم قالوا نحو يا رسول الله قال - صلى الله عليه وسلم - أتحبون أن تكونوا مثل الحمر الضالة وتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا بلى يا رسول الله قال فوالذي نفس أبي القاسم بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته وإلا أن له عنده منزلة لا يبلغها بشيء من عمله دون أن يبلغ من البلاء ما يبلغه تلك المنزلة فالجواب لعله - صلى الله عليه وسلم - خاطب أصحابه بذلك وأراد غيرهم كمن قل عمله وكمن اقترف على نفسه الآثام فكره له أن يختار لنفسه لقاء ربه وموافاته بإجرامه غير ممتحن ولا متطهر من الأدناس فلا تضاد بين الأخبار والله أعلم. قوله: (وفي رِوايةٍ كانَ يَرْقي) هي للشيخين والنسائي كما أفاده في السلاح وفي التخريج وأخرج ابن حبان وأخرجه الحافظ من طريق أخرى عن عائشة قال وفيها زيادة إنه - صلى الله عليه وسلم - قال ألا أرقيك برقية جاءني بها جبريل - عليه السلام - بسم الله لا بأس اشف رب النّاس اشف أنت الشافي لا شفاء إلّا شفاؤك ولم يذكر من خرجه من أصحاب الكتب المشهورة. قوله: (لَا كاشِفَ لهُ) أي للبأس ثم حديث أنس الكلام في الحديث قبله يجري فيه فاكتفى بذلك والله أعلم واشف بكسر الهمزة للوصل، تحذف في الدرج فيه وفيما قبله. قوله: (يُغادِرُهُ)

الصفحة 59