كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 4)

يُفْطِرُوا، لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَاطًا، فَمَعَ مُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَهُوَ بَقَاءُ رَمَضَانَ أَوْلَى، وَقِيلَ: بَلَى، قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: إنْ صَامُوا جَزْمًا مَعَ الْغَيْمِ أَفْطَرُوا وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ غُمَّ هِلَالُ شَعْبَانَ وَهِلَالُ رَمَضَانَ فَقَدْ نَصُومُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، حَيْثُ نَقَصْنَا رَجَبًا وَشَعْبَانَ وَكَانَا كَامِلَيْنِ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ إنْ غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ وَأَكْمَلْنَا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَانَا نَاقِصَيْنِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ مُطْلَقًا، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَالُوا يَعْنِي الْعُلَمَاءَ لَا يَقَعُ النَّقْصُ مُتَوَالِيًا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: "شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ". نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا: لَا يَجْتَمِعُ نُقْصَانُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَالِبًا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى السَّنَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِيهَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ قَدْ رَأَيْنَاهُمَا يَنْقُصَانِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: مَعْنَاهُ ثَوَابُ الْعَامِلِ فِيهِمَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالْيَوْمُ وَاحِدٌ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُمَا وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ، وِفَاقًا لِإِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، قَالَ: وَيَزِيدُهُمَا فَضْلًا إنْ كَانَا كَامِلَيْنِ، قَالَ الْقَاضِي: الْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى مُعْجِزَةِ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَكُونُ فِي الثَّانِي، وَمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ فإنما هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحُ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ إكْمَالِ الثَّلَاثِينَ، صَحْوًا كَانَ أَوْ غَيْمًا، وَإِنْ صَامَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي شَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُفْطِرُ بِحَالٍ. انْتَهَى.
__________
1 البخاري "1912"، ومسلم "1089" "31".

الصفحة 420