كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 4)

شَعْبَانَ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كَصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ1، فَبَانَ مِنْهُ، فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَرَدَّدَ أَوْ نَوَى مُطْلَقًا "و" وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْأَثْرَمِ تُجْزِئُهُ، مَعَ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ لِوُجُودِهَا، وَإِنْ نَوَى الرَّمَضَانِيَّةَ عَنْ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ أَجْزَأَهُ، كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْوَقْتِ.
وَمَنْ قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ الشَّكَّ وَالتَّرَدُّدَ فِي الْعَزْمِ وَالْقَصْدِ فَسَدَتْ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا لَمْ تَفْسُدْ، ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْفُنُونِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ أَنَّ فِعْلَهُ لِلصَّوْمِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ وَتَيْسِيرِهِ، كَمَا لَا يَفْسُدُ الْإِيمَانُ بِقَوْلِهِ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ فِي الْحَالِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَكَذَا نَقُولُ: سَائِرُ الْعِبَادَاتِ لَا تَفْسُدُ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي نِيَّتِهَا.
وَمَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ لَيْلًا أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةٌ عِنْدَنَا، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ حِينَ يَتَعَشَّى، يَتَعَشَّى عَشَاءَ مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ، وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ عَشَاءِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَعَشَاءِ لَيَالِي رَمَضَانَ.
وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ التَّعْيِينِ نِيَّةُ2 الْفَرْضِيَّةِ فِي فَرْضِهِ وَالْوُجُوبُ فِي وَاجِبِهِ، خِلَافًا لِابْنِ حَامِدٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَإِنْ نَوَى خارج رمضان قضاء ونفلا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: يصح، قدمه وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ: صَحَّ صَوْمُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى أَصْلٍ لَمْ يَثْبُتْ زَوَالُهُ، وَلَا يُقْدَحُ تَرَدُّدُهُ، لِأَنَّهُ حُكْمُ صَوْمِهِ مَعَ الْجَزْمِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر، انتهى.
__________
1 ليست في الأصل.
2 ليست في الأصل و"ب" و"ط".

الصفحة 456