كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 4)

صَدَقَةً1.وَلَيْسَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَنَّ الْمُؤَذِّنِينَ هُمْ أَكْثَرُ النَّاسِ تَأَمُّلًا لِلثَّوَابِ فِي الْقِيَامَةِ وَهَذَا مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا إِنَّ الْعَرَبَ تَذْكُرُ الشَّيْءَ فِي لُغَتِهَا بِذِكْرِ الْحَذْفِ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ مُعَوِّلُهُ فَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا" أَيْ مِنْ أَطْوَلِ النَّاسِ أَعْنَاقًا فَحَذَفَ "مِنْ" مِنَ الْخَبَرِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا: "أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا" 2 أَيْ مِنْ أَقْوَامٍ أُحِبُّهُمْ وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ وَهَذَا بَابٌ طَوِيلٌ سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ السُّنَنِ إِنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ وشاءه.
__________
1 أخرجه البخاري [1420] من حديث عائشة رضي الله عنها: أن بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: أينا أسرع بك لحوقاً؟ قال:"أطولكن يداً" فأخذوا قصبة يذرعونها، فكانت سودة أطولهن يداً، فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقاً به، وكانت تحب الصدقة.
وقد نقل الحافظ في"الفتح" 3/286-287 قول ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة، والعجب من البخاري كيف لم ينبه عليه، ولا أصحاب التعاليق، ولا علم بفساد ذلك الخطابي، فإنه فسره وقال: لحوق سودة به من أعلام النبوة. وكل ذلك وهم، وإنما هي زينب، فإنها كانت أطولهن يداً بالعطاء، كما رواه مسلم [2452] من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة بلفظ "فكانت أطولنا يداًً زينب، لأنها كنت تعمل وتتصدق". والثابت عن أهل العلم أن زينب أول من مات من أزواجه صلى الله عليه وسلم. وانظر"شرح مشكل الآثار" 1/201-203 بتحقيقنا.
2 سيرد في كتاب الصيام: باب الإفطار وتعجيله، ويخرج هناك.

الصفحة 558