كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

جد أولاد سيدي الشيخ الأول يسمى معمر بن سليمان العالية، وهو دفين الأربعاء التحتاني، وأولاده مدفونون إلى جانبه، وقد جاء من مكة على رواية أو من تونس على رواية أخرى، وتناسلت منه العائلة إلى أن وصلت إلى عبد القادر بوسماحة، كما ذكرنا، وهذا هو الذي تفرعت منه فروع لكثرة أولاده، ومنهم من سكن التلول والمدن، ومنهم من استوطن المغرب الأقصى، ومنهم من بقي في المنطقة حول قبور الآباء والأجداد، وقد اهتموا بالحياة الدينية والدينيوة معا، فكانوا من نبلاء الدين (أشراف على رواية) ومن نبلاء السيف أيضا، وقد نشروا طريقتهم الدينية على طريق سلطتهم السياسية، فهم بحكم وظائفهم الإدارية أو الزمنية جلبوا العبيد والخدم، ثم حرروهم وجعلوهم يقومون بشؤون الدين والزوايا، ويقول بعض الباحثين إن دورهم الديني يتضاءل كلما سكنوا المدن وكذلك يضعف وزنهم السياسي، ولذلك فإن مكانتهم الحقيقية تكمن في عزلتهم واحتفاظهم بأصالتهم الدينية والسيفية، أو كما عبر عنه البعض: إن قوتهم تكمن في بداوتهم، وقد اختار بعضهم طرقا صوفية أخرى، بعد هذا التطور، مثل سليمان بن قدور الذي دخل في الطيبية وأصبح تابعا لزاوية وزان.
من فروع أولاد سيدي الشيخ الدينية ما سماه بعضهم (بالعمامية) نسبة إلى الشيخ بوعمامة، الثائر المشهور، وهو محمد بن العربي من ذرية سيدي التاج، أحد أبناء عبد القادر بوسماحة (سيدي الشيخ). والده (العربي) مدفون بفجيج بالقصر المعروف بالحمام الفوقاني.
وقد تثقف محمد بن العربي - بوعمامة - ثقافة دينية ولغوية في جهته، (الحمام الفوقاني). ودرس على شيخ يدعى محمد بن عبد الرحمن، أحد مقدمي سيدي الشيخ، وأصبح سنة 1875 مقدما في الموقار، وكان يعطي ورد الطريقة الشيخية، واشتهر أمره وجاءته الزيارات وأصبح في أعين الناس من أهل الكرامة والولاية، وقد ساعد على هروب أحد أفراد العائلة، وهو حمزة بن بوبكر سنة 1878، ثم أعلن الثورة المعروفة سنة 1881 لظروف

الصفحة 107