كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

ليس هنا محل ذكرها، ولكن الفرنسيين يقولون إن الثورة كانت بدافع التعصب الديني، وقد حاول بوعمامة توحيد أولاد سيدي الشيخ المتفرقين بطريق الروابط الروحية والعائلية، وقال المعاصرون إنه جاء (بمذهب جديد). وأنه رجل يقظ وحذر، وأنه حاول الاستفادة من الانقسام الموجود في العائلة لصالحه، وذلك بإنشاء قيادة واحدة، ولكن الفرنسيين كان لا يرضيهم ذلك، سيما وأن الفترة (الثمانينات) كانت هي الفترة التي أخذوا فيها يسعون بين الطرق كلها حتى لا تتوحد ولا تصبح خطرا يهدد مصالحهم، ومهما كان الأمر فإن محاولة بوعمامة أن يكون هو (خليفة) سيدي الشيخ مباشرة، لم تنجح، ولكن أصحابه أعلنوا أنه أصبح قطبا، وأجاز هو لأصحابه أن يجمعوا بين طريقته وطريقة أخرى، وكان له ذكر يعطيه لأتباعه قال إن سيدي الشيخ أعطاه إياه بالرؤية والمكاشفة (¬1). وقد نجح الفرنسيون في عزل أولاد سيدي الشيخ الآخرين من الانضمام لثورته، رغم أنه منهم، واتهموا بوعمامة بأنه كان يقلد الشيخ السنوسي في عدائه (للنصارى).
وللشيخية الأذكار الشاذلية التي يتلقاها الأتباع ويرددونها في أوقات معينة بعد دخولهم للطريقة، وهم يضيفون إلى ذلك قراءة الفاتحة ثلاث مرات بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، وهذه الأذكار يعلمها شيوخ الزوايا الشيخية الذين هم من العبيد العتقاء والذين يتوارثون في أولادهم إدارة هذه الزوايا، وإعطاء الأوراد والأذكار، سواء كانوا من الشراقة أو من الغرابة (الزوة). أما الذكر الذي نسب لبوعمامة فهو التشهد والاستغفار والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) في أوقات معينة أثناء الصلوات الخمس، وله أيضا دعاء (يا لطيف) ألف مرة، وعبارة (لا إله إلا الله، بو عمامة ضيف الله) تردد عدة مرات في اليوم، وكذلك عبارة (لا إله إلا الله، بوعمامة ولي الله) (¬2). ومن عادة
¬__________
(¬1) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص 477، والمترجم العسكري في جيريفيل (مارتن) هو الذي اعتبر بوعمامة مؤسسا لطريقة خاصة، عنه انظر أيضا عبد الحميد زوزو (نصوص سياسية). الجزائر، 1988، ص 85، 137.
(¬2) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص 478،

الصفحة 108