كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

والتغافر والاشتراك في التراث والعادات والتقاليد، وإنشاد الأناشيد والأغاني الدينية، وإطعام الفقراء، والتلاقي بعد افتراق طويل (¬1). ولهذه المواسم أسماء عديدة، حسب الطريقة الصوفية وشيخها، مثل الحضرة، والزردة، والوعدة.
والشيخ هو الذي يعطي الإجازة، وهي على أنواع، منها الإجازة المفصلة المسلمة للخليفة (أو النائب عند بعض الطرق). وقد تكون بالمراسلة، والإجازة هي شهادة ووصية أيضا، فالشيخ يكتب ويوصي ويشهد بأن خليفته هو فلان، وأنه قد منحه بركته وأورثه إياها، وأن هذا الخليفة هو محل ثقته وهو مكلف من قبله بإعطاء الإجازة لغيره وكذلك إعطاء الأوراد وإدخال المريدين في الطريقة، وعليه أن ينشر الطريقة وأن يحافظ على سمعتها ومبادئها وأموالها، والخليفة عادة يكون من أقرب الناس إلى الشيخ كابنه أو صاحبه أو تلميذه، وتحمل الإجازة العبارات الدينية والسلسلة الصوفية وكيفية إدخال الناس في الطريقة، أما الإجازات للمقدمين فتكون عادة مختصرة وتقتصر على خلاصة تعاليم الطريقة كما تلقاها الشيخ، وقد يكتب الشيخ مجرد رسائل للتزكية والتوصية (¬2). وتختلف طريقة إدخال الراغبين في الطريقة من واحدة إلى أخرى، فمنهم من يأخذ يدي المريد بين يديه، ومنهم من يأخذ يدا واحدة منه بين يديه، ثم تكون القراءة بعده لعبارات محفوظة (سنعرفها) ثم الذكر، وإذا كانت امرأة فإن الشيخ أو خليفته يطلب من السيدة وضع يدها في إناء من الماء، ومنهم من يجعلها تمسك فقط طرف السبحة، وهناك من يكتفي فقط بطلب ترديد الفاتحة والذكر خلفه، ومهما كان الأمر فإن على المريد الطاعة المطلقة (كالميت بين يدي غاسله) حسب العبارة المستعملة، وجرت العادة أن يكون للشيخ أو الخليفة زاوية يشرف عليها، ومعه هيئة كاملة من الشواش والخدم والطلبة الخ (¬3).
¬__________
(¬1) انظر بير منغان، مدخل إلى الجزائر، Initiation 1957، ص 258.
(¬2) عن الإجازات انظر العلوم الدينية.
(¬3) أوكتاف ديبون واكسافييه كوبولاني (الطرق الدينية الإسلامية). الجزائر، 1897، =

الصفحة 12