كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

الشيخ الجلالي أيضا بالورع ونشر العلم، وكان طويل القامة، قليل شعر اللحية، نظيف البشرة، وله إنشاد في مدح شيوخه، وهو واعظ ماهر ومؤثر، ويروى عنه أنه اشتاق إلى الأكل، فعاقب نفسه بالصيام ثلاث عشرة سنة، وقد خلف أولادا صغارا عند وفاته سنة 1276 (1862). فأوصى عليهم وعلى الزاوية تلميذه محمد بن بلقاسم الذي سيرد ذكره، وبعد أن رتب هذا أمور زاوية أولاد جلال تبعا للوصية، تركها، وتولاها بعده أحد أبناء الشيخ المختار، وهو محمد الصغير الذي طال عهده حتى أنه كان ما يزال على قيد الحياة سنة 1906، وقد قلنا إن الشيخ المختار قد أخذ الطريقة على شيخه محمد بن عزوز عن محمد بن عبد الرحمن باش تارزي عن محمد بن عبد الرحمن الأزهري إلى آخر السلسلة الصوفية، وقد رثاه الشيخ المكي بن عزوز في إحدى قصائده معتبرا فقده كالليل الدامس (¬1). وخلافا لبعض فروع المنطقة فإن الشيخ المختار قد ساند ثورة الزعاطشة (1849). وأرسل النجدة إلى الشيخ بوزيان هناك، واستجابت الرحمانية على يده لداعي الجهاد بقطع النظر عن طريقة المجاهد، وقد عرفنا أن من قادة الزعاطشة موسى الدرقاوي، وهكذا يكون الشيخ الجلالي من الذين جمعوا بين التعليم والجهاد والتصوف، وقد وصفه أحد الفرنسيين قائلا إن نفوذه قد عم أولاد نائل وأولاد علاف والسحارى الذين كانوا يزورون زاويته بأعداد كبيرة، وقد شارك إخوانه بالإضافة إلى الزعاطشة، في انتفاضة سنة 1861 في الجلفة المعروفة (بقضية بوشندوقة). وكان باشاغا الجلفة الشريف بن الأحرش، متزوجا من إحدى بنات الشيخ المختار، وقد مات ابن الأحرش قتيلا سنة 1864 (¬2).
ويشبهه في ذلك زميله عبد الحفيظ المعروف بالخنقي نسبة إلى خنقة سيدي ناجي، فهو أيضا من تلاميذ الشيخ محمد بن عزوز في التصوف ومن معاصري الشيخ المختار الجلالي والشيخ علي بن عمر الطولقي، أصبح الخنقي هو مقدم الرحمانية في الخنقة ونواحيها، وعمل على نشر التعليم
¬__________
(¬1) الحفناوي (تعريف). مرجع سابق، 2/ 576، ذكر منها الحفناوي أربعة أبيات.
(¬2) ف، فيليب (مراحل صحراوية). ص 121،

الصفحة 150