كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

الروحية لابن أخيه الحاج محمد بن بلقاسم، صاحب كتاب (الروض الباسم) في سيرة ومناقب الشيخ، ولكن لأسباب عائلية لم يتول الحاج محمد شؤون الزاوية مباشرة بعد وفاة عمه، بل تولتها السيدة زينب ابنة الشيخ، وحسب (أشيل روبير) فإنها أدارت شؤون الزاوية بنجاح، ورفضت الزواج، وظلت على رأس الزاوية إلى وفاتها سنة 1904.
ولكن ولايتها لم تكن م عبد، بالورود، فقد كان عليها أن تناضل للحصول عليها، ضد ابن عمها وضد السلطات الفرنسية المحلية معا، فقبل وفاة أبيها بعث برسالة أو وصية إلى القائد الفرنسي كروشار (رئيس المكتب العربي) في بوسعادة أعلمه أن خليفته هو ابن أخيه الحاج محمد، وكانت السلطات الفرنسية تلح عليه في تعيين خليفته، وهي تقصد بذلك الحاج محمد الذي قيل إنه كان على علاقة طيبة مع هذه السلطات الحريصة على استقرار الزوايا وأمنها، لكن زينب اعترضت على هذه الوثيقة بعد وفاة والدها وقالت إن السلطات قد استصدرتها من والدها وهو في حالة لا يملك معها قواه، ثم إن زينب استعملت وثيقة أخرى قديمة لتثبت حقها في خلافة والدها، ففي 1877 أصيب الشيخ بنوبة قلبية، وبعدها كتب وصية موثقة على يد القاضي على أن أملاكه - وهي كثيرة - توضع تحت تصرف ابنته زينب، في شكل حبس عائلي، على أن تأخذ منه هي النصف، خلافا لما جرت به العادة، وفسرت زينب ذلك بأن هذه الوثيقة ترشحها هي لخلافة والدها، وهكذا دخلت في نزاع مع كروشار ومع ابن عمها، كما انجر الخلاف إلى الأتباع، وقد انتصرت هي في النهاية، ولكن حياتها لم تطل إلا سبع سنوات بعد وفاة والدها.
من المحتمل أن تكون زينب من مواليد الخمسينات من القرن الماضي، وقد نشأت في حجر والدها، وهي ابنته الوحيدة، وعلمها القرآن والعلوم والمحاسبة، وعاشت في مكتبة الزاوية مهتمة بالمخطوطات، وكانت هي التي تحفظ سجلات أملاك الزاوية، وعاشت عزبة طول حياتها، وتفرغت للزاوية والحياة الروحية والعبادة، وكاذت، بناء على وصف من راها، نحيفة الجسم

الصفحة 163