كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

ضباب هذه القصص الأسطورية؟ ولكن من كان يروج لها ويستفيد منها؟ اللهم إن هذا بعيد عن تعاليم الطريقة الرحمانية الأصلية التي قامت على بث العلم وخدمة الدين، على الأقل بالمفهوم البسيط، من عبادات وسلوك طيب مع الناس ومع الله.
ونعود إلى فروع الرحمانية في قسنطينة بعد وفاة الشيخ الحداد، ففرع قستطينة بقي مستقلا في عائلة باش تارزي، وعندما احتلت قسنطينة كانت الطريقة الرحمانية هناك في يد مصطفى باش تارزي الذي ورث والده، ثم السعيد بن أحمد باش تارزي الذي كان متوليا آخر القرن الماضي، وكان نشاط زاوية قسنطينة الرحمانية قد تأقلم مع الحياة المدنية في عهد الاحتلال، وتولى الرحمانيون هناك الوظائف الإدارية، ولكنهم ظلوا على صلة بالعلم والدين أيضا، أما المواقف السياسية فلا نجد لهم مشاركة فيها إلا ضمن العرائض التي كان يقدمها أعيان قسنطينة إلى السلطات الفرنسية مثل الشكوى لرفع الظلم أو طلب تعديل قانون جائر (¬1). ولا نعرف أن الرحمانيين في قسنطينة قد شاركوا في ثورة 1871 التي دعا إليها الشيخ الحداد.
وكان للزاوية الرحمانية في قسنطينة نشاط وفروع ومقدمون، وهي تتبع القواعد الرحمانية في الأذكار والممارسات والحضرة، وقد أصدر الشيخ محمد السعيد بن أحمد بن عبد الرحمن باش تارزي إجازة بتاريخ 1312 هـ وجهها إلى أتباعه وأصدقائه المحبين للزاوية، فأوصاهم فيها بذكر الله وترديد (لا إله إلا الله). والإجازة منجرة إليه من والده أحمد بن عبد الرحمن، وختمها يحمل تاريخ 1251، وحسب إحصاء آخر القرن (1897) فإن أتباع زاوية قسنطينة بلغوا 10، 070 بينهم 1، 958 امرأة، ولها ثماني زوايا، ووكيل واحد، و 25 طالبا، وشيخ واحد، و 85 مقدما، و 104 من الشواش، ومعظم هؤلاء الأخوان كانوا في إقليم قسنطينة، وبعضهم كانوا
¬__________
(¬1) وجدنا أسماء لعائلة باش تارزي تولى أصحابها وظائف القيادة للفرنسيين جهة الأوراس،

الصفحة 167