كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

تتبعها الفروع الرحمانية الجنوبية، وقد قدر الباحثون الفرنسيون أنه كان لابن الحملاوي 44 زاوية سنة 1897 و 136 طالبا، و 227 مقدما، و 352 شاوشا، أما الأخوان فقد قدروهم بـ 39، 528 من بينهم 3، 043 من النساء، وقيل إن له أتباعا أيضا في تونس وطرابلس والقاهرة وجدة.
وقد وصف الشيخ ابن الحملاوي بأنه محافظ جدا على عادات الطريقة، وأنه زاهد، ولا يخرج من الزاوية أبدا تقريبا، وكان يمتاز بالذكاء الحاد والعلاقات الصحيحة مع الفرنسيين، وقد بنى زاوية وادي العثمانية مجاورة لأخرى كانت بشلغوم العيد (شاطودان). وكانت له علاقات ودية مع بعض الأوروبيين في المنطقة، وهم يشهدون له بأنه أعانهم بالمال عندما كانوا في حاجة إليه، وقد شهد له بذلك وبحسن سيرته مع الفرنسيين (أوكتاف ديبون) أحد مؤلفي كتاب (الطرق الدينية الإسلامية) سنة 1897 (¬1). ويظهر من كلام الفرنسيين عن الشيخ ابن الحملاوي أنهم كانوا يفضلونه على الشيخ أبي القاسم البوجليلي الذي كان ينافسه في خلافة الشيخ الحداد، ولا ندري إن كان الشيخ الحداد قد أخذ في الاعتبار الاختلاف بين الشخصيتين ومدى فائدة الطريقة في ذلك، والغالب أن ذلك لم يكن خافيا عنه، ويقول (رين) إن اختيار الشيخ ابن الحملاوي كان اختيارا حكيما، لأنه كان مجهولا فلا يسبب حرجا للسلطات الفرنسية ولا للأعضاء المنفيين من عائلة الشيخ الحداد، وأن السلطة الفرنسية كانت تراقبه عن كثب (¬2). فلعل الشيخ الحداد فضل ابن الحملاوي على البوجليلي محافظة على الطريقة التي نكبت بعد ثورة 1871، ومهما كان الأمر فنحن لا ندري مدى ثقافة علي بن الحملاوي هذا، ولا جهوده في نشر العلم بالناحية، أما تلقين الذكر وهو (لا إله إلا الله). مع رفع الصوت واغلاق العينين، وإعطاء العهد، فقد جاء في إجازته لمقدمه محمد البشير الزموري، ونصت هذه الإجازة أيضا على وضع الشيخ كف اليد اليمنى على كف اليد اليمنى للمريد وترديد الذكر، أما بالنسبة للمرأة فالعهد يعطى
¬__________
(¬1) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص 390، وكان ديبون مفتشا عاما للبلديات.
(¬2) (رين). مرجع سابق، 475،

الصفحة 169