كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

مسجد الزاوية، ومن ممارساتهم أثناء ذلك قراءة مرايا الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري، ولكن الوصية مقروءة أكثر من المرايا عند الإخوان، وتبدأ الوصيه هكذا: اسمع مني وصيتي إليك، واعمل بها كما ألزمت نفسك عهد الله وميثاقه، أن تتقي الله في سائر أحوالك، وتخلص في جميع أعمالك، الخ (¬1).
أما الإجازة والسلسلة في الشريعة عند الرحمانيين فتبدأ هكذا: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيد المرسلين، ثم تذكر الإجازة، كما رأينا في إجازة البوجليلي لتلميذه في العلوم التي درسها عليه، وخلافا لبعض الطرق الصوفية، فإن الرحمانية تعمل على نشر العلم وتعتبره من مهماتها إلى جانب نشر الطريقة، ذلك أن الشيخ الأزهري لم يكتف بتأسيس الطريقة والزاوية وإنما بث المعارف من فقه وتوحيد وتفسير ولغة، لذلك أصبح التعليم عندهم جزءا عاما من مهمات المقدمين الذين كانوا عادة من بين المتعلمين، وتشهد إجازاتهم على أنهم يعملون بالعلم الظاهري أو الشريعة بالإضافة إلى العلم الباطني أو الحقيقة والطريقة، وقد رأينا كيف نشأت معاهد ومدارس في ظل الزوايا الرحمانية ومكتبات وحلقات درس في وقت كادت فيه شمس العلم أن تغرب خلال العهد الفرنسي.
وإحصاء أتباع الطريقة الرحمانية من الصعب إدراكه بدقة، والذين حاولوا ذلك توقفوا في عدة نقاط، فالذين أحصوا الرجال لم يستطيعوا عد النساء، والذي أحصوا إخوان الشمال لم يستطيعوا إحصاء إخوان الجنوب، كما أنهم لاحظوا أن تفرق الزوايا والمقدمين بعد الضربات التي تلقتها الطريقة جعل الإخوان ينضمون إلى هذه الزاوية أو تلك دون عراقيل، ولذلك صعب إحصاء عددهم، كما قلنا، وعند نهاية القرن الماضي بلغوا أكثر من مائة وستين ألف تابع، فلو كان لهذا العدد رأس واحد (شيخ واحد) - كما هو تقليد الطرق، لأصبح على الفرنسيين أن يواجهوا حزبا دينيا يقض مضاجعهم
¬__________
(¬1) الحفناوي، مرجع سابق، 2/ 457.

الصفحة 177