كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

يسكنون المدن ومتمردون عن مراكزهم وزواياهم، لقد كانت الرحمانية طريقة دينية (صوفية؟) وتحولت إلى جمعية سياسية (حزب). حيث العلاقات مندمجة مع المصالح المادية أو الزمنية، لقد انتهى تأثير الشيوخ الكبار أو سينتهي لكن كل مقدم بقي غيورا على الإجازة التي يملكها والتي بها يجلب الإخوان ويعطي العهد ويتقبل الهدايا من الزوار، وما يزال الذكر مشتركا بين الرحمانيين والممارسات واحدة، وهم (يحسون) بوجود بعضهم البعض.
وقبل ذلك كان رين قد أبدى ملاحظات مشابهة حول تطور الطريقة الرحمانية، فمقدموها يسميهم (الخليفة) بطلب من الإخوان وباقتراحهم، وكل خليفة له ختم يختم به على الإجازة وعليه تاريخ توليته، وتضم الطريقة عددا كبيرا من النساء أيضا وفيهن بعض المقدمات، وقد تداخل الرحمانيون بنشاط في مختلف الثورات ضد الفرنسيين، ولكنهم لم يكونوا دائما هم المثورين المباشرين بل كانوا أحيانا مجرد عملاء نشطين لزعماء آخرين، يتنقلون بين الثوار ويحمسونهم للجهاد، ويذهب رين الذي كان يكتب سنة 1884 أن فرعين من الرحمانية بقيا موالين للسلطات الفرنسية، وهما فرع طولقة وفرع أولاد جلال، وموقف هذا الفرع تبناه أيضا شرفة الهامل، وكان ذلك هو موقف الشيخ الحداد أيضا بين سنوات 1857 و 1871، لقد كشف (رين) عن ممارسة غير غريبة على السلطات الفرنسية عندئذة وهي استخدام الطرق الصوفية ضد بعضها البعض، وذلك في قوله إن فروع الرحمانية في الجنوب توجد وسط مناطق ينتشر فيها أيضا أتباع الطريقة التجانية، وهم يتساوون معهم أو يتفوقون عليهم من حيث العدد، وذكر أن أتباع التجانية يقومون بمراقبة الرحمانيين لأنهم خصومهم، ولأن التجانية، في نظر رين طريقة مهدئة لا غبار عليها (¬1). وردد هنري قارو نفس الرأي تقريبا إذ قال سنة 1906 إن الزوايا الرحمانية المستقلة في نفطة وطولقة والهامل قد اتبعت
¬__________
(¬1) رين، مرجع سابق، ص 474.

الصفحة 180