كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

وهناك فرع للرحمانية نشأ في سوق أهراس على يد الشيخ الكامل بن المكي بن عزوز، ولا نريد أن نطيل في الحديث عنه رغم أنه قد يكشف عن خلفيات هامة في علاقات التصوف بالسياسة وعلاقات الجزائر بالمشرق، والشيخ الكامل هو حفيد الشيخ مصطفى بن عزوز الذي هاجر إلى نفطة بعد احتلال بسكرة 1844، كما سبق، وكان للشيخ مصطفى عدد من الأبناء، هم: الحفناوي الذي خلفه على زاوية نفطة، ومحمد الذي أسس زاوية بالقيروان، ومبروك الذي أسس زاوية بالأغواط وتوفي فيها سنة 1888، والمكي الذي اشتهر بالعلم والهجرة إلى المشرق والعمل في نطاق الجامعة الإسلامية، وأحدث الفرنسيون، بعد احتلال تونس تنافسا بين زاويتي طولقة ونفطة أو بين الحفناوي المذكور والحسين أخ علي بن عثمان شيخ زاوية طولقة، فقد اتهم الحسين معاصره الحفناوي بانه معاد لفرنسا، كما تقول الوثائق الفرنسية، وانتهى الخلاف بينهما إلى الانفصال، وهو ما كان يعمل له الفرنسيون، ولكن بعض زعماء الطرق الصوفية عندئذ كانوا غافلين.
بقيت الخصومة بين الفرعين: طولقة ونفطة حتى بعد اختفاء الحسين والحفناوي، فقد ذهب البليدي بن الحسين إلى توزر لتأسيس زاوية منافسة للعزو زية، وبعد وفاة الحفناوي خلفه ابنه محمد الأزهاري الذي وجد صعوبة في المحافظة على رصيد الزاوية الذي كان لها في عهد جده مصطفى (¬1).
وكان الشيخ المكي قد تزوج من نواحي بوسعادة وأنجب ولده الكامل في الجزائر التي كان يتردد عليها من تونس، ويقول (كور) إن الكامل ولد في برج طولقة، وعلمه والده إلى أن تخرج مثله من جامع الزيتونة، ولكنه لم يهاجر معه إلى المشرق، فقد رجع الكامل إلى الجزائر وحاول نشر الرحمانية دون التدخل في السياسة، سكن العين البيضاء وحصل على أرض هناك
¬__________
(¬1) من الغريب أن مبروك بن محمد بن عزوز تمرد، كما قالوا، على تقاليد أبيه وأخوته وعمل عينا للفرنسيين على إخوته، بمن فيهم مصطفى بن عزوز، انظر كلنسي - سميث (ثائر وقديس). مرجع سابق.

الصفحة 182