كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

بالكراء حوالي سنة 1905، وكانت الطرق الفاعلة هناك هي الرحمانية التابعة لزاوية نفطة ثم الطريقة التجانية، ووسط خلافات عائلية (عائلة ابن بوزيد وعائلة سي عون) وخلافات المخازنية والمرابطين وتدخلات الإدارة، أخذ الكامل ينشر طريقته، وقد قيل إن الإمام الرسمي للجامع قد تركه يخطب بدله في الناس مما جعل الإدارة تتحرك ضده (الكامل) وتجبره على مغادرة العين البيضاء سنة 1907، فذهب إلى العاصمة، ثم رخصوا له في الذهاب إلى سوق أهراس حيث كان جده من جهة الأم يشتغل بالقضاء في ناحية مجردة، واشترى الشيخ الكامل مزرعة هناك وكثر مقدموه وأتباعه نظرأ لسمعة جده مصطفى وكذلك سمعة والده (المكي).
وكانت المزرعة ملكا لأحد الكولون، ولكن الكامل حولها إلى زاوية. وعند إعلان الحرب العالمية (1914) طلب الشيخ الكامل، كما قال كور، من أتباعه تأييد فرنسا (¬1). وحاول الفرنسيون أن يستعملوا نفوذه أيضا ضد زاوية طولقة وزاوية الخنقة، ويذكر (كور) أن الكامل كان تحت (المراقبة الشديدة) من قبل الفرنسيين وأنه نشط نشاطا خاصا أثناء حرب طرابلس ضد الإيطاليين وجمع التبرعات للمجاهدين (¬2). ولا ندري الآن كيف انتهت زاوية سوق أهراس.
وشخصية صالح خاوة من النوع (الميلودراما) في العلاقات بين رجال الدين والدنيا والفرنسيين، وقصته طويلة وتعبر عن ظلال كثيفة لا يمكن رؤية ما خلفها بسهولة في الوقت الراهن، ونحن لا نهتم هنا إلا بالجانب الديني - الرحمانية - والإدارة، وصالح هو ابن يوسف بن عبيد، كان جده عبيد قاضيا في عنابة في العهد الفرنسي، وكذلك تولى أبوه يوسف القضاء في بوحجر، حيث ولد صالح حوالي 1856، والعائلة من دوار المريج ببلدية مرسط، وأصلهم من قبيلة الهمامة القاطنة تونس في أغلبها، ويبدو أن صالح كان
¬__________
(¬1) لم نجد نداءه ضمن العدد الخاص من (مجلة العالم الإسلامي). R.M.M، وهو العدد الذي ضم نداءات ونصائح ووصايا زعماء الطرق الصوفية.
(¬2) كور (بحوث ...) مرجع سابق، ص 319 - 325.

الصفحة 183