كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

سجينا عندها، فإنه رفض الخروج عنها والانضمام إلى أعدائها في الحرب قائلا ما معناه إن استعمارا تعرفه خير من استعمار لا تعرفه.
وأعلنت زاويتا الهامل وأولاد جلال تأييدهما لفرنسا أيضا على لسان شيخيهما: المختار بن الحاج محمد بن بلقاسم الهاملي ومحمد الصغير بن المختار الجلالي، فقد هنا الأول أتباعه على إعانتهم لفرنسا، وأظهر لؤم الأتراك الذين لم يعترفوا بجميل الدولة الفرنسية التي طالما أعانتهم في البلقان، والغريب أن هذا الشيخ أعلن أن الجزائريين مدينون لفرنسا (كما هو مقرر في الأذهان) لأنها قدمت لهم أفضالا لا تحصى، (فهذه مدة تقرب من قرن ونحن بفضلها رقود في مهد العافية والأمن) قال ذلك ليقارن بين العهد الفرنسي وعهد الأتراك الذي تحدث عنه الآباء عن الأجداد بأنه كان عهد فضائح، وعلى الجزائريين أن ينتظروا أكثر مما مضى من أفضال (دولتنا الفخيمة) (¬1). أما الشيخ محمد الصغير الجلالي فقد اختصر كلامه وإن كان يصب في نفس المعنى، فحكم بخطأ تركيا في إعلان الحرب على فرنسا، وكونها واقعة تحت النفوذ الألماني ولا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا، وكون ألمانيا دولة متوحشة وفرنسا دولة قدمت في الماضي المساعدات إلى تركيا، أما العلاقات الدينية مع الأتراك فلم تعد الآن قائمة بينهم وبين الجزائريين لأن حكام تركيا عندئذ غير متدينين، وأضاف أن الجزائريين عرب والأتراك عجم، ودعا كغيره الجزائريين إلى الوقوف إلى جانب فرنسا التي أحسنت إليهم، والاستعداد للدفاع عنها بكل الوسائل (¬2).
ويبدو أن نداءات ونصائح هذه الزوايا لم تثمر، فإن منطقة الأوراس قد انتفضت سنة 1916، وشملت الانتفاضة مناطق هذه الزوايا، وظلت المنطقة محاصرة ومعزولة طيلة أمد الحرب، وبذلك أظهر الجزائريون أنهم غير
¬__________
(¬1) مجلة العالم الإسلامي، مرجع سابق، ص 216 - 218.
(¬2) نفس المصدر، ص 226، ذكرت بعض التقارير الفرنسية أن زاوية مولى القرقور في بلازمة قد لعبت دورا (متوازنا) أثناء ثورة 1916 في الأوراس، انظر أرشيف 89 H 10 بايكس (فرنسا).

الصفحة 186