كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

وفي مناسبة أخرى استقبل الشيخ محمد الصغير في عين ماضي القائد الفرنسي عندئذ، وهو بيليسييه، كان ذلك على أثر المعركة التي دارت في الأغواط بين جيش العدو وقوات محمد بن عبد الله (شريف ورقلة) في ديسمبر 1852، وقد أحسن التجاني استقبال بيليسييه أيضا، وقيل إن ذلك كان آخر استقبال له للقادة الفرنسيين قبل وفاته بحوالي شهرين (آخر فيفري 1853). والغريب أن السلطات الفرنسية في الجزائر لم تكن تثق فيه كل الثقة، ولذلك أرسلت إليه من المدية قاضيين ليأتيا به، فوجداه جثة هامدة، إذ أدركه الموت.
وقد ترك الشيخ محمد الصغير ابنا صغير السن لا يمكن تكليفه بشؤون الزاوية، فوضع تحت وصاية المشري الريان إلى أن يبلغ، وتولى الريان تسيير شؤون الزاوية من جهة وإدارة عين ماضي من جهة أخرى بتكليف من الفرنسيين، وكان الريان محل ثقة الشيخ محمد الصغير، وهو الذي قام ببناء الزاوية وأصبح وكيل الشيخ في مختلف المسائل، وبناء على وصيته تولى الريان الإشراف على الزاوية والنواحي الروحية فيها، كما تولى القضاء في البلدة، ولكن ابن التجاني المذكور توفي بلدغة عقرب، حسب العقيد تروميلي، سنة 1857 (¬1).
توفي الشيخ محمد الصغير في فبراير (أو مارس) 1853، فخلفه في قيادة الزاوية والبركة التجانية الشيخ محمد العيد بن الحاج علي بتماسين، وهكذا كان التبادل على المشيخة بين الزاويتين، عين ماضي وتماسين، لكن المشيخة هذه المرة ستظل في عائلة الحاج علي إلى آخر القرن الماضي، رغم ما حدث من توتر بين الزاويتين والعائلتين، وهو التوتر الذي كاد يخرج إلى الأتباع أيضا لولا تدخل الفرنسيين في الوقت المناسب، وخلال هذه الفترة الطويلة (1853 - 1897) كانت القيادة الروحية للطريقة بيد
¬__________
(¬1) تروميلي، المجلة الإفريقية، 1877، ص 342 - 343، ولا نعرف اسم ابن الشيخ التجاني هذا، ومن الواضح أنه ليس الابن الذي قدمه رهينة عند الأمير سنة 1838.

الصفحة 207