كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

تعبيرهم، مع الأمير ومع العثمانيين، وبعضها يذهب إلى أن الاعتقال كان لشبهة الانضمام للثورة، كما شاع بين الناس، وأخيرا هناك من يقول إن الاعتقال كان تخويفا للتابعين، وإليك بعض التفصيل، كان أولاد زياد (بجيرفيل) التجانيون يعيشون وسط أولاد سيدي الشيخ الثائرين، فحاربوا إلى جانبهم، وقد طلبوا، ربما بإيعاز من الفرنسيين، من أحمد التجاني التفاوض مع لمحيادة أولاد سيدي الشيخ، لفصلهم عن الثورة وعودتهم إلى منطقتهم، فقام أحمد بالمفاوضات لصالحهم، وجاء أولاد زياد إلى الأغواط، وجاء معهم البعض من أولاد سيدي الشيخ، حسب التقاليد العربية، ودخلوا عين ماضي، فخرجت الإشاعات على أن ولدي التجاني قد انضما إلى الثوار، ومنعا لهذا الاحتمال، كما يقول رين، قام العقيد (دي سونيس) باعتقال أحمد وأخيه البشير، في أول فيفري 1869، وبعثهما إلى مدينة الجزائر حيث سجنا، وبعد بضعة أشهر استسلم التجانيون من أولاد زياد (¬1).
لكن قصة الأخوين التجانيين لم تنته بعد، فقد كان أحمد بين 25 - 30 سنة، حسب ملاحظة العقيد تروميلي، وظل في العاصمة حوالي سنة، فإذا بفرنسا تدخل في الحرب مع ألمانيا، وكان على الرؤساء (الأهالي) أن يرسلوا عرائض التأييد لفرنسا جبرا أو نفاقا، فكان من بين الموقعين على العريضة الصادرة من أهل العاصمة، أحمد التجاني، وخلافا لما يقال إن السلطات الفرنسية هي التي (نفته) إلى بوردو، تقول رواية أخرى إنه هو الذي تطوع لحمل عريضة أعيان العاصمة إلى حكومة بوردو (¬2). ولكي تؤكد فرنسا براءتها، أشاعوا بأن أحمد التجاني قد أرسل قبل سفره منشورا إلى أتباع
¬__________
(¬1) أنت ترى كيف تتلاعب السلطات الفرنسية بالولدين (أحمد حوالي 19 سنة، البشير 17 سنة، حسب بعض الروايات) لخدمة أغراضها، مستغلة جهل العوام واسم الطريقة التجانية.
(¬2) بعد احتلال باريس من قبل الجيش الألماني، سنة 1870، انتقلت الحكومة الفرنسية، وكانت تسمى (حكومة بوردو). إلى مدينة بوردو، إلى أن رجعت إلى باريس بعد دفع التعويضات الحربية وجلاء الجيش الألماني عن باريس.

الصفحة 212