كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

التجانية في الغرب يخبرهم أنه ذاهب إلى فرنسا من تلقاء نفسه، وعليهم بالطاعة والخضوع، ثم سافر مع حاشيته يوم 16 غشت 1870 وحل بباريس، ثم التحق به أخوه البشير، ويقول رين: إن الفرنسيين حملوا الأخوين من باريس إلى بوردو في 4 سبتمبر 1870، اتخاذا للحيطة (؟). وهناك استقبلهما الجنرال دوماس، وأسقف المدينة ورئيس محكمة الاستئناف، وفي 17 أكتوبر حضر أحمد مع حاشيته حفلة لصالح المجاريح بالمسرح فاستقبل أثناءها بالموسيقى الرسمية، ثم تزوج هناك بأوريلي ابنة الضابط المتقاعد، ثم طلق زوجاته الأخريات بعد رجوعه إلى الجزائر سنة 1872 (¬1).
ودون أن يكون المرء تجانيا أو غير تجاني، فالتجارب الإنسانية وحدها تخبرنا أن شابا في سن أحمد التجاني كان بين أيدي الفرنسيين ومترجمي المكاتب العربية ومخططات السلطة الفرنسية للزوايا عموما والتجانية خصوصا، كل ذلك يجعل العبء صعبا على أمثال أحمد التجاني وأخيه البشير حتى ولو اجتهد المشري الريان في تربيتهما تربية علمية وصوفية وأخلاقية تليق برجال الزوايا والمرابطين، فما بالك بشابين تثبت مصادر الوقت أنهما وقعا ضحية الإهمال التعليمي والاجتماعي، لقد تزوج أحمد، وهو في بوردو، فتاة فرنسية اسمها أوريلي بيكار، وكان والدها ضابطا في الدرك (الجندرمة). ومن الأكيد أنه لو شاء الفرنسيون عدم زواجه منها لمنعوه أو منعوها، كما فعلوا مع غيره، فقد كان قاضي قسنطينة، محمد الشاذلي، ذات مرة يرغب في الزواج من فرنسية أيضا في باريس، ولكن السلطات في الجزائر سارعت إلى التدخل لمنع هذا الزواج (¬2). حرصا على مصالحها
¬__________
(¬1) رين، مرجع سابق، ص 431 - 433، والغريب أن رين يقول: إن أحمد الذي كان في التاسع عشرة من عمره، حسب بعض الروايات، طلق زوجاته - هكذا بالجمع - فمتى تزوجهن؟ وهل كن مع الحاشية التي يتحدث عنها؟ لعله فقط خيال المتخيلين لكي يثبتوا أن المرأة الفرنسية لا تبقى مع ضرة مسلمة.
(¬2) انظر القصة في كتابنا (القاضي الأديب، محمد الشاذلي القسنطيني). ط، 2، 1985.

الصفحة 213