كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

الفرنسي، يقول دو فيرييه: إن من عقائد الطريقة أن دعوات الحاج علي هي التي جعلت الجزائر تسقط في يد الفرنسيين عقابا للأتراك الذين قتلوا ابنه (¬1). ويخبر دو فيرييه، الذي كتب بعد سنوات قليلة من احتلال تقرت ووادي سوف، أن الحاج علي هو الذي أخبر أهالي وادي سوف ووادي ريغ والزيبان بتقدم الفرنسيين نحو بسكرة وقال لهم: إن الله هو الذي أراد أن يعطي الجزائر إقليمها للفرنسيين، وهو الذي مكن لهم فيها، فأبقوا مسالمين، ولا تطلقوا البارود عليهم ... فاتركوا الفرنسيين وشأنهم يفعلون ما يريدون، لأنهم اتخذوا في الظاهر طريقا عادلا وحكيما ... والواقع أن هذه القصص عن الحاج علي ليست خاصة بدو فيرييه، بل إن زملاءه الذين جاؤوا قبله وبعده رددوها أيضا، ونحن لا ندري صحة ذلك ولا صحة صدوره عن هذا الشيخ، إنما نذكره كرأي للفرنسيين في أعدائهم وحلفائهم من الجزائريين عند تقدم احتلالهم، فهم يبنون على أقوال الحاج علي استيلاءهم على جنوب إقليم قسنطينة (بدون مقاومة) (¬2).
ويذهب ديبون وكوبولاني أنه كانت لدى الحاج علي وصية وهي أنه بعد موته تكون الخلافة على الطريقة متبادلة اختيارا بين أبنائه وأبناء الشيخ أحمد التجاني، وعلى هذا الأساس ترك الحاج علي الوراثة للشيخ محمد الصغير بن أحمد التجاني، كما أشرنا، وكان للحاج علي اثنان وعشرون ولدا، وما دام الشيخ محمد الصغير حيا فإن أبناء الشيخ الحاج علي لا حق لهم في الوراثة، لذلك انفتح المجال أمامهم سنة 1853، سنة وفاة شيخ عين ماضي، سيما وأن ابنه الكبير قد توفي أيضا وأن الولدين المنسوبين إليه صغيران، فآلت الوراثة إذن إلى أحد أبناء الحاج علي وهو الشيخ محمد
¬__________
(¬1) لا نعرف ذلك ولم يذكره أحد غير دو فيرييه، ولعله من نسج خيال الأسطورة، وقد أشاع الفرنسيون مثل هذه التنبؤات، ونسبوا بعضها إلى الدراويش والصالحين، مثل الحاج عيسى الأغواطي الخ، انظر دو فيرييه (اكتشاف الصحراء). مرجع سابق، ص 309.
(¬2) دو فيرييه، مرجع سابق، ص 309.

الصفحة 220