كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

بالغموض والتصرف الخشن بما يوحي بعدم أهمية الإحساس البدني عندها، والدرقاوية بتفضيل الفقر والابتعاد عن طلاب السلطة، والطيبية تلح على احترام آل البيت والإخلاص إليهم، والتجانية عرفت بالتسامح والاعتدال، والسنوسية بإعطاء الأولوية للسلطة الدينية والدعوة للجامعة الإسلامية، أما الطريقة البكداشية، وهي لا توجد في الجزائر الآن، وكان لها تأثير ما في العهد العثماني، فقد لاحظ هذا الباحث أنها تتميز بإذلال النفس وإخضاعها وحرمانها من الشهوات (¬1). ولا شك أن هذه الأحكام قد تصدق بالنظر إلى مواقف كل طريقة إزاء السلطة الفرنسية خلال القرن الماضي أو إلى 1884 حين كان هذا الكاتب (رين) يؤلف عمله ويدرس تفاعلات الطرق الصوفية مع السياسة الفرنسية، أما مواقفها إزاء الدين والعامة وإزاء بعضها البعض فسنراها عند الحديث عن كل منها.
وإذا كانت هناك درجات في سلم الانتماء إلى الطريقة، مثل الشاوش، والفقير، والصاحب، والخادم، والأخ، ومثل أصحاب الطريقة، وأصحاب الفتوى، وأهل الطريقة، الخ، فإن هناك أيضا درجات في سلم المشيخة، وهي عادة درجات تذكر في السلسلة أو السند، وتبدأ بالغوث وتنتهي بالولي، وهي درجات تصنف كالتالي: الغوث، والقطب (وقطب الأقطاب). والوتد (جمع أوتاد). والأخيار، والأبدال، والنجيب، والنقيب، والولي، وتمتلئ كتب الصوفية، وسلسلاتهم وإجازاتهم بذكر شيوخهم وأساتذتهم الذين يلقبونهم بمثل هذه الألقاب التي لها، كما لاحظ البعض، أصول في الفلسفة، ولكن الجاهلين اليوم لا يربطون بينها وبين أصولها ويأخذها رجال منعزلون، معتمدون فقط على حفظ السلسلة ولا يضيفون جديدا من عندهم، بل يرفضون كل تجديد، معتبرين ذلك بدعة وزندقة (¬2).
ولكل طريقة زاوية، والزاوية بالمعنى الصوفي هي خلوة للعبادة، وقد
¬__________
(¬1) رين، مرجع سابق، ص 76.
(¬2) يذهب (رين). ص 54 إلى أن هذه الألقاب - القطب، والغوث، الخ، متصلة بالأقنوستوكية والمزدكية، Mazdians، والأفلاطونية الجديدة،

الصفحة 25