كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

زاوية، وللزاوية أوقاف كبيرة من أراض وبساتين، تطعم منها الطعام للفقراء والضيوف، وحق الزاوية هو العشر (العشور) من غلة الجيران، وهذا هو نصاب الزكاة، فإذا أرادت القبيلة عدم الدفع فلها ذلك، ومن العادة أن القائم على الزاوية هو حفيد المرابط، ومن احتمى بها فهو آمن ولا يتابع، وتقوم الزاوية بالتعليم، ولا يقوم المرابطون ولا حفداؤهم بالأعمال اليدوية لأنهم متخصصون في التعليم وتربية الأطفال، وهذا النوع من الزوايا منتشر بكثرة في الأرياف، ونلاحظ أن هذه المعلومات لا تتحدث إلا عن زوايا المرابطين وليس عن زوايا الطرق الصوفية، في الفترة التي كتب فيها دوفوكس، وهي منتصف القرن الماضي.
أما في المدن فالزاوية عبارة عن بناية كبيرة لإيواء المشردين والطلبة والعلماء الغرباء، وتتوفر فيها الإضاءة والماء، وقد تصبح الزاوية مدرسة عليا إذا تخصص لها أو ألحق بها مدرس شهير لتدريس العلوم العالية، وتحمل الزاوية اسم مؤسسها أو الحي الموجودة فيه، وأحيانا اسم المرابط التابعة له (¬1). وفي التعريف المذكور نلاحظ أن هناك خلطا بين الزاوية عموما وزاوية الطريقة الصوفية.
وشبيه بذلك تعريف شيربونو، للزاوية العمومية أيضا، دون زاوية الطرق الصوفية، إذ قال إنها مؤسسة دينية لا نظير لها في الغرب (أوروبا). فهي مقر لعائلة المرابط الذي أسسها، وهي مسجد للصلاة الجامعة، ومدرسة تدرس فيها مختلف العلوم، وهي أيضا ملجأ يهرع إليها الهاربون من العدالة، أو الفارون من العدو، فيجدون فيها الأمن والنجاة (¬2).
وهناك من رأى أن الزوايا عبارة عن أماكن للتعليم والضيافة والعبادة، وهذا وارد في كل أنواع الزوايا تقريبا، ولكنه أضاف أن الزوايا عبارة عن مكان يجد فيه المسلمون (الإخوان) الفكرة الدينية المتعصبة، التي من
¬__________
(¬1) دوفوكس، مرجع سابق، المقدمة، تناولنا الزاوية - المدرسة، في فصل التعليم.
(¬2) شيربونو، مجلة (روكاي). 1856 - 1857، ص 133، هامش 1،

الصفحة 27