كتاب تاريخ الجزائر الثقافي (اسم الجزء: 4)

خصائصها الجهاد الدائم ضد الكفار (الفرنسيين). يضاف إليها فكرة المهزوم الحاقد (الجزائري) على الهازم والسيد (الفرنسي). وفي نظره أن الزوايا لن تتوقف عن النفخ في روح الجهاد أبد (¬1).
ورغم هذا الاختلاط في تعريف الزوايا، فإن الطرق الصوفية وحدها اشتهرت بزواياها التي قد ينطبق عليها التعريف السابق تماما، وقد لا ينطبق، ذلك أن بعضها لم يؤسس للتعليم أصلا كما كان الحال في السابق، ولم يكن لها من المال والوقف ما تطعم به الفقراء والغرباء، ومع ذلك ظلت زوايا قائمة في المصطلحات، وكأنها أصبحت مرادفة لاسم الشيخ أو المقدم، كما أن السلطات الفرنسية قد قلصت من دور الطرق الصوفية بمراقبة زوارها وعدم إعطاء الرخص لهم للزيارة، مما شل حركة الزوايا الاجتماعية والتعليمية، كما سنرى.
عدد الطرق الصوفية الفاعلة في الجزائر بلغ أكثر من ستة وعشرين (26). منها فقط حوالي أربعة أنشئت في العهد الاستعماري، كالسنوسية والعليوية، والباقي كان موجودا منذ العهد العثماني، ومن هذا العدد ما هو مؤسس في الجزائر كالرحمانية والتجانية، وما هو مؤسس في المغرب كالطيبية والعيسوية والدرقاوية، وما هو مؤسس في المشرق كالقادرية، كما أن الشاذلية بدأت في تونس ولكن تأسست في المشرق، أما الشابية فقد عرفت في تونس، وهناك المدنية التي نشأت في طرابلس، وانتماء أهل الجزائر إلى الطرق الصوفية ليس وليد العهد الفرنسي، كما قد يفهم، فقد لاحظنا في الجزء الأول من هذا الكتاب اهتمام الناس بهذه الطرق ودخولهم فيها، لأسباب ذكرناها، وكان يدخلها العامي والتاجر والمثقف والحاكم، كل لغرض في نفسه، وقد عزا بعضهم المقاومة الشديدة التي وجدها الجيش الفرنسي إلى انتماء الناس إلى هذه الطرق الصوفية التي كانت تحمس للجهاد
¬__________
(¬1) هنري قارو، (الحركة الإسلامية) في مجلة جمعية جغرافية الجزائر وشمال إفريقية (S، G، A، A، N). 1906، ص 175،

الصفحة 28